اياكم والغلو فى الدين



  • الغلو في الدين بدعة حرمها الإسلام 

    حقيقة أصل الدين ومبدؤه في الإسلام هما :

1 - توحيد الله تبارك وتعالى بالعبادة والطاعة في تحقيق " شهادة : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله " .


2 - تجريد المتابعة لكتاب الله تعالى ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على طريقة السلف الصالح الذين كانوا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخير القرون بعد قرنه صلى الله عليه وسلم ، فكانوا " الطائفة المنصورة التي لم يضرها من خالفها " ، فكل من نهج نهجهم وسلك سبيلهم وسار على طريقتهم هو من " الطائفة المنصورة " التي هي امتداد للسلف الصالح في بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في " صحيح سنن ابن ماجه ج1 / 6 " : حيث يقول صلى الله عليه وسلم :  لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ  ، فهذه الطائفة هي القوامة على أمر الله لا يضرها من خالفها .


وإذا تفحصنا واقع الفرق والجماعات وجدناها مختلفة عن الطائفة المنصورة ، لمخالفتها لمنهج السنة النبوية في العقيدة والشريعة والدعوة ، ولمغايرتها لما كان عليه سلف هذه الأمة الذين كانوا خير القرون بعد قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم .


فجميع الفرق والجماعات والأحزاب داعية إلى التفرق والاختلاف ؛ لأنها تدعو إلى آرائها وأفكارها ، فما تراه هذه الجماعة لا تراه الجماعة الأخرى ، وما يعتبره هذا الحزب لا يعتبره الحزب الآخر ، وهكذا جميع الفرق مختلفة . متعارضة ، لا يجمعها على أمر معصوم عن الهوى جامع ، فهي مجمعة على أن لا تجتمع على ما يعصمها من التفرق والاختلاف ، والعاصم منهما " سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقته النبوية " .


والطائفة المنصورة التي هي " على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه " وهم أهل السنة النبوية : " أهل الحديث "  وأهل الأثر والاتباع ، وهم المفارقون لجميع أهل التفرق والابتداع وأهل الآراء والأهواء ، وهم وحدهم الداعون إلى ما يجمع الأمة ولا يفرقها ، ويوحدها ولا يجزئها ، الذين يدعون الأمة إلى " الكتاب والسنة على منهاج الأئمة " ، فمن استجاب إلى ذلك قولا وعملا وسلوكا كان من الطائفة المنصورة ، فدعوتهم دائمة ، ومنهجهم قائم ، ومسلكهم متبع ، وطريقهم مستقيم ، وسبيلهم آمن من مخاوف الفرق والاختلاف ، فأكرم بهم !! وأعظم بمنهجهم !! .


فالطائفة المنصورة هي المستمسكة بأصل الدين وحقيقته : " توحيد الله تبارك وتعالى بالعبادة والطاعة ، وتجريد المتابعة [ص-126] للكتاب والسنة على طريقة أهل الحديث " ، فهؤلاء الذين عصمهم الله تعالى من " التطرف والغلو في الدين " ، ومن سواهم واقع ولا بد في التطرف أو الغلو ، ولبيان هذا نقول :


إن من حقائق دعوات الرسل عليهم السلام بأصل الدين وحقيقته : " توحيد الله تبارك وتعالى بالعبادة والطاعة ، وتجريد المتابعة للكتاب والسنة على طريقة أهل الحديث " ، فهؤلاء الذين عصمهم الله تعالى من " التطرف والغلو في الدين " ، ومن سواهم واقع ولا بد في التطرف أو الغلو ، ولبيان هذا نقول أيضا :


إن من حقائق دعوات الرسل عليهم السلام أنها قامت على الحق والاستقامة عليه ، ولهذا نهى الله تبارك وتعالى أهل الكتاب عن الغلو في دينهم غير الحق ، فقال سبحانه : سورة المائدة الآية 77 قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ  وقال سبحانه : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)(سورة النساء الآية 171)  أي : لا تفتروا على الله ما لم يأمركم به .


ينهى الله تعالى أهل الكتاب عن الغلو في دينهم لئلا يفتروا على الله ما لم ينزل به سلطانا ، فإن اليهود غلوا في دينهم ، والنصارى غلوا في دينهم ، وافتروا على الله تعالى في زعمهم البهتان في " عيسى ابن مريم عليه السلام " حين اتخذوه إلها ، وأنه ابن الإله - تعالى الله عما يقوله الكافرون علوا كبيرا - بل قد غلوا في حواريه ، وغلوا في أحبارهم ورهبانهم ، فادعوا فيهم العصمة ، فاتبعوهم في كل ما قالوه حقا كان أم باطلا ، ضلالا كان أم هدى ، ولهذا قال الله تعالى فيهم : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )(سورة التوبة الآية 31)


ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عن الغلو في الدين فقال :  إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ  [ الأحاديث الصحيحة برقم 1283 ] .


[ص-127] وقال صلى الله عليه وسلم :  إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ  [ صحيح الجامع برقم 2246 ] .


ولم تخل أمة ولا دعوة من هذه الأصناف الثلاثة من الناس :


1 - فمن الناس المستمسك بالحق ، المستقيم على طريقته ومنهاجه .


2 - ومنهم المفرط الزائغ المضيع لحقوق الله ، المعتدي لحدوده .


3 - ومنهم الغالي المتشدد المتجاوز لأحكام الله تعالى ، الزائد في دينه المبتدع فيه .


وكل أولئك كانوا في الأمم السالفة قبل أمة الإسلام ، وفيها أيضا من هذه الأصناف الثلاثة كما كان فيمن سبقها ، بل افترقت هذه الأمة إلى أكثر من سبعين فرقة جميعها ضال إلا فرقة واحدة هي الفرقة الناجية المنصورة ، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :  افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ  ، [ الأحاديث الصحيحة برقم 1492 / وصحيح الجامع برقم 1082 ] ، وفي صحيح سنن الترمذي برقم 2129 : أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الفرقة الناجية فقال :  مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي  .


فهذه هي الفرقة المنصورة دائما وأبدا ، هي التي " على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله تعالى عنهما أجمعين " ، ولقد ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الفرقة الناجية المنصورة الهداية والسداد والرشاد ، في قوله الشريف :  إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ [ وَفِي رِوَايَةٍ : إِنِّي خَلَّفْتُ فِيكُمْ ] مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي  [ ولهذا الحديث ألفاظ متقاربة في صحيح مسلم ج 2 / 890 / ومسند أحمد ج4 / 367 / وسنن الدارمي ج 3 / 432 .


ولتكون الأمة جميعا أو أغلبها وعامة سوادها في الفرقة الناجية المنصورة دائما وأبدا في كل عصر وفي كل مصر .

: 22-01-2010
طباعة