الرد علي اتهام الشيخ بأنه يكفر بالكبيرة

                                                          





 أيهاالأخوة : بعض مالم
يحسن الفهم مع ما أراه من القرائن الظاهرة من سوء القصد أشاعوا عنى مقالة ما
اعتقدتها بقلبى يوما من الأيام و لا تلفظ بها لسانى و لا في الخلوات . فضلا عن
هذه المشاهد .


هذه
المقالة الفاجرة الآثمة تقول : إننى أكفر المسلمين بالكبيرة . فأنا أنشد طلاب
العلم الذين يسمعوننى منذ قرابة خمسة وعشرون سنة و انا أخطب على المنابر . هل
سمعوا مني فى يوم من الأيام انني قلت أن فاعل الكبيرة كـافر !!


فوالله
ما اعتقدتها يوما من الأيام حتي و أنا حدث فى الطلب . إنما غرهم عبارة سمعوها مع
ما أراه من القرائن الظاهرة من سوء القصد . سمعوا مقالة لى هى  انني قلت :
" إن المَصِر مستحل " ثم ضربت مثلا فقلت : " لو قال رجلا إن الله
عز وجل حرم الربا و و لكنى آكله فذا كافر لا إشكال فى كفره " . هذه العبارة
التي قلتها .


قــالوا
: المصر مستحل !!  هذا لم يقل به أحد .


قلت :
أنا ما تكلمت عن من هو المصر . و ما  ورد فى كلامى أصلا تعريف المصر . و
لكن إذا كان الكلام مجملاً ( و هذا كلام أهل العلم ) ثم ورد بعده مَثَل فينبغي
أن نرد الكلام المجمل للمثل لأن الأمثال من باب المبين و لذلك يضربها الله عز
وجل لتبين الكلام .


قال
عمرو بن مرة : " إذا سمعت مثلا ضربه الله عز وجل فلم أفهمه بكيت على نفسي .
لأن الله عز وجل يقول : " و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا
العالمون " .


فكل
الأمثال من باب المبين . فأنا إذا قلت : " إن المصر مستحل " هذا كلام
مجمل . ثم قلت مثال - حتي أبين معني الكلام السابق - إذا قال رجلا إنالله حرم
الربا أو حرم الزنا أو حرم العقوق أو حرم أي شيء لكنى أفعله . فهذا واضخ أنه كفر
إباء . و لكني ما قلت من هم المصر . فحين إذن أبين برغم أن الصورة فى غاية
الجلاء وغاية الوضوح .


المصر
:  ليس هو الذى يفعل الذنب و يكرره و لو مرارا .


إن
تكرار الذنب لا يدل على الإصرار . و يدل عليه أحاديث كما قال صلى الله عليه وسلم
فيما يحكيه عن رب العزة من حديث أبى هريرة عند مسلم ، قال الله عز وجل : "
أذنب عبدي ذنبا ، فقال ربى : إنى أذنبت ذنبا فاغفر لى ،  فقال الله عز وجل
: علم عبدى أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ بالذنب ، ثم أذنبت ذنبا ، فقال ربى :
إنى أذنبت ذنبا فاغفر لى ،  فقال الله عز وجل : علم عبدى أن له ربا يغفر
الذنب و يأخذ بالذنب ، غفرت لعبدى ثم أذنبت ذنبا، فقال مثل هذه المقالة 
فقال الله عز وجل : علم عبدى أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ بالذنب ، غفرت لعبدى
فليفعل عبدى ما شاء " .


العبد
اذا كرر الذنب مرارا و تكرارا لا يدل على الإصرار ، والفعل بمجرده أيضا لا يدل
على الإصرار .


يعنى
واحد واضع أمواله فى البنوك ، فيقال له هذا ربا ، فيقول : الله يتوب عليه أعمل
إيه . لا أجد من يشغل لى أموالى ، الأمانة راحت ، و ضعنا أموالنا فى الشركة
الفلانية سرقوها ، و ضعناها فى الشركة العلانية سرقوها ، أنا ماذا أفعل ؟ ربنا
يتوب عليه .


هذا لا
يكفر و إن كان مرتكبا لهذه الكبيرة الموبقة ، وهو وضع الأموال فى البنوك ، أنسوى
بين هذا الذي قال هذا الكلام و بين من يقول : إن الله حرم الربا و لكنى آكله ،
من الذى يسوى بين هذا فى العالمين ؟؟


لا يشك
أحد فى كفر هذا الجنس على الإطلاق ، والتكفير حق الله تعالى لا يحل لأحد أن يقدم
عليه إلا بدليل أوضح من شمس النهار ، و قد نقل العز بن عبد السلام إجمـاع
العلماء أن من قال ( فى العلم الضروري ) إن الظهر ركعتان أو العصر ركعتان أو
المغرب أربعة أو الأوقات ثلاثة أنه كـافر باجماع المسلمين .


 لماذا
؟ لأن معرفة عدد الصلوات و عدد الركعات من العلم الضروري الذي يستوي فيه علم
الخاصة و العامة . أما العلم الذي لا يتوصل إليه إلا الخاصة فلا يكفر العاميّ
باستحلاله ، إنما يكفر العالم الذي عرف هذه الجزئية فخالفها جحودا و استكبارا .


 و
التكفير كما يقول أهل العلم سمعى و لا علاقة له بالدلائل العقلية حتي وإن كانت
ضرورية .


كلنا
نعلم أن العشرة أكبر من الإثنين و أكبر من الخمسة وأكبرالستة . كلنا يعلم هذا
علما ضروريا عقليا . فلو قال قائل إن الثلاثة أكبر من العشرة . خالف العلم
الضروري العقلى أم لا ؟ خالف العلم الضرورى العقلي . و مع ذلك لا يكفره أحد قط
من المسلمين برغم أنه خالف ضرورة العقل وما اتفق عليه الكل لكن لم ينزله الله فى
كتابه و لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم . فى يكون حين إذن داخل فى باب
التكفير . إنما الذى يجحد ما أنزل الله و يصر على أن يخالف الله سبحانه وتعالي
هذا كافر لا شك فى ذلك و أنا لا أعلم أحد من أهل العلم خالف فى هذا .


فكيف
يقال أنى أكفر فاعل الكبيرة ؟ مجرد فعله للكبيرة . هذا بهتــــان عظـــيم . أسأل
الله تبارك و تعالي أن يهدى هؤلاء المفترين .


إن أبا العتاهية قال : 


إلى ديان يوم الدين
نمضي 
           
و عند الله تجتمع الخصوم


و ما من
أحد تصدر لتعليم أو تدريس أو وعظ الأَّ إفتري بعض الناس عليه و كان شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله من أكثر الناس بلاء بهذا  ولعلي لا أبالغ إن شاء الله
إذا قلت : أن الحسنات التي كسبها شيخ الإسلام ابن تيمية بافتراء أعدائه عليه
لعلها تساوي الحسنات التى كسبها بعلمه وجهاده .


إن أول
مراتب العلم حسن السؤال ، ثم حسن الإستماع ثم حسن الفهم . و إنما ســاء فهم
هؤلاء لأنهم ما أحسنوا الإستماع .  لو أحسنوا  لردوا المجمل إلى
المبين كما قال أهل العلم




 



        
: 17-10-2011
طباعة