نحو داعية ربانى (3-3)

نحو داعية ربانى (3-3)

بقلم : نبيل جلهوم *

وقفنا فى الجزأين السابقين على صفات ذات نقاط جوهرية فى صفات الداعية
الربانى .. واليوم نختم بعون الله هذه النقاط والتى فى سياقها نستفتح ونستعين بالله ونقول


• الداعية الربانى .. مُربِّى صاحبُ رسالة :

يجب على الداعية أن يستشعر أنه صاحب رسالة , وأنه المربى و الوالد والأب والشيخ لكل شرائح المجتمع فيتصف بصفات الأبّوة , فيكون حنوناً فى تبليغ دعوته , واسع الصدر رفيقا بالناس ناصحاً مؤدباً غير مُجرِّحا , يُجمِّع الناس على الفهم الصحيح غير الِمعوّج والسديد غير المغلوط والشامل غير المنقوص يوضح ويفصِّل الصعب ولايُصعّب السهل فترتاح له النفوس ويجد الناس فيه مصدرا وهّاجاً نحو المحبة والتآلف والتعاضد وحب الإسلام والإنتاجية البنّاءة التى هى أساس هام من أساسيات النهضة البنّاءة والرخاء المنشود .

• الداعية الربانى .. مُوجّه طُلاّبى :

يجب أن يقوم بما يقوم به المرشد الطلابى فى المدرسة من دور عظيم , فيتفقد مشكلات الناس – كما يفعل مرشد طلاب المدرسة مع طلابه - ومواجعهم وهمومهم ويتعرف على نفسياتهم وأوضاعهم وضوائقهم ويحفظ للناس أسرارهم ويجتهد فى إذابة الحزن القابع على صدورهم فهناك اليتيم وهناك الضعيف وهناك البائس الفقير وصاحب العِوز الفقير وهناك من لايجد مكانا مُهيئاً فى بيته يجتهد فيه لمذاكرة العلم ومواصلة التعليم .. فكل هذه الفئات على نوعيتها توجد بالمجتمع وتحتاج من الداعية أن يكون ربانيا مرشدا وموجهاً حاذقا تتكسر على يديه العوائق وتذوب بحكمته العلائق وتنفرج بحكمته الضوائق .

• الداعية الربانى .. بيتُه من نور :

يتعهد نفسه وزوجه وبنوه بتعاليم الإسلام الجميل يُربّيهم على حب الإسلام والمسلمين والإحسان إلى غير المسلمين .. ينفق عليهم محتسبا الأجر عند الله فتكون نفقته صدقة , يحسن التعامل مع الزوجة فيرفق بها ويتلطف ويحنو ويتجمّل , فيكون نموذجا فى بيته للزوج الصالح فى السلوك والزينة والعلم والفكاهة والفضيلة والدين , يُعطّر البيت دائما بكلمات العاطفة وعبارات المودة فيمتلك القلوب ويستحق من أهل بيته أن يحظى بكل ماهو إليه محبوب فيكون البيت نورا كله على نور . تنبعث منه الطمانينة فلا مجال للغضب وعجرفة الكلام والسلوك بل رحمة وهداية وسكينة .. يعين زوجه وبنيه على طاعة الله فيدعوهم قبل أن يدعو الناس ويربيهم قبل أن يُربى الناس ويأخذ بأيديهم قبل أيدى الناس فهو راع ومسئول عن رعيته ويُقدّم منهم لنفسه ولربه ولدينه ولمجتمعه نموذجا يُحتذى به نحو الفضيلة وحب الله ورسوله ..
قدوة عملية لا مجرد خطب منبرية ومواعظ قوية وحركة دؤوبة دعوية ..
فإذا دعى – على سبيل المثال - النساء للبّاس الإسلامى والحشمة كان من الأدعى أن يجد الناسُ زوجته وبناته قدوة فى ذلك يرتدين اللباس الذى به يصدح وله يدعو وعليه يدنن ويزود .. فيجب أن يتذكر أن التربية والتأثير بالقدوة هى أنجح السبل للتأثير الصحيح فى الغير , كما كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم : قرآنا يمشى على الأرض .

* الداعية الربانى .. ذكّاراً لله كثيرا :

فهو لايتوقف طوال يومه عن التسبيح والتهليل والتكبير والصلاة على الرسول يحافظ على ورده القرآنى ويكثر الإستغفار , وهو بذلك يؤمن أن الأساس هو ذكر الله وأن النجاة فى ذلك وأنه دائم السعى طوال يومه أن يكون من الذاكرين الله كثيرا لمعرفته الحقة بأنها فئة نادرة يريد أن يكون منها قد جعل الله لها من الخيرات المنافع والثمرات ومحبة الله الوافرة ومغفرة ورحمة وأجر عظيم , فلسانه لايغفل عن الكلمات الذهبية سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولاحول ولاقوة إلا بالله العلى والعظيم وسبحان الله العظيم وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم والصلاة والتسليم على النبى العظيم والإستغفار المئوى أو السبعين .
فالله الله فى داعية لسانه رطبا بذكر الله مُتيّما فى حب الله متعطشا لمجالسة رسول الله ومجالسة عباد الله الصالحين الذين هم للدين عاملون .

خاتمة :
اللهم وفّق دعاة المسلمين إلى مافيه خير البلاد والعباد والأوطان , اللهم إهدهم سُبل السلام وأَجرِ على ألسنتهم الخير للناس كافة , اللهم إجعلهم ربانيين معتدلين لا مُتشددين ولامُنفّرين ولا بقشور الدين مُتشدّقين , اللهم إجعلهم مصابيح هدى وهداية وأمن ووقاية وأصلح ألسنتهم وهَذّب أفكارهم , اللهم طبّب على أيديهم مرضى الأفهام ومِعوّجى التَديُّن .. وهَندِّس على أيديهم عقول الناس نحو بناء مُشيّد على الفهم الصحيح نحو الإنتاج البنّاء ونحو أمن الدنيا وأمن الآخرة وعظيم الجنان .
وعَلّمْ على أيديهم الناس علوم الخير السليمة والصحيحة الغيرُ مُعتّلةِ الفِكَرِ و البيان , وصحّح بهم مسار العباد نحو الحب والأمن والأمان وخير الدنيا وسعة الجنان ياكريم يارحمن .

وصلى اللهم على نبينا محمد معلم الناس الخير .


: 24-02-2012
طباعة