حياةُ الذاكرين.. جَنّةُ العابدين

حياةُ الذاكرين.. جَنّةُ العابدين


بقلم نبيل جلهوم *


ما أعظم وأجمل قولك يا ربنا في كتابك : ( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) العنكبوت 45 ، وما أعظم وأجمل قولك يا حبيب الله يا محمّد : مثل الذي يذكر ربّه والذي لا يذكر كمثل الحي والميت .

فالحمد لله الذي جعل للعباد منحة وهدية هي في حقيقتها حياة للقلوب وصلاح للنفوس وصفاء للأذهان ( ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُ القُلُوبُ ) .الرعد 28 .

المهمة العظمى:

إنّ ذكر الله تعالى هو المهمة العظمى التي خَلَقَنا الله من أجلها ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنّ وَالإنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ ) . الذاريات 56 ، وهو الناموس الذي يسير الكون على نسقه ومقتضاه ؛ ليكون العبد قانتاً خاشعاً لله مسلماً مستسلماً ساجداً ومسبّحاً.

ونوجز القول:
إنّ ذكر الله ما هو في حقيقته إلا الطريق السوي الذي يصل بنا إلى الجنّة ، وما عداه فما هو إلا شذوذ وإنحراف وخروج عن الجادة .

توظيفها:

وعباد الله مُطَالبون بالحتمية بتوظيف المهمة العظيمة للعبادة ، فالذكر حياة الروح ، وإنّما تتربى الروح بحسن ذكرها لله وكثرته لله وتعبّدها له بتحقيق الإيمان والتوحيد والخوف والرجاء.

فالذكر يربي الروح فتصفو النفس ويرقّ القلب ، ويتربّى في الإنسان الضمير الحي الذي يكون له دور كبير في توجيه حياة صاحبه , فتكون الثمرة عبداً ربّانياً راقياً رحمانياً.

ثمار ذكر الله:

إنّ كثرة الذكر لله تعالى بشتى صوره من تسبيح وتحميد وثناء وإستغفار وصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم وقراءة القرآن , وغير ذلك ، لابدّ أن تؤتي ثمارها في سائر الأمور والأحوال :

- 1- فهي تزيد الإيمان ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) . الأنفال 2 .
وإذا زاد الإيمان ظهرت بالتبعية آثاره الواضحة على النفس في : معتقدات صحيحة ، وأفهام سليمة ، وأخلاق سامية ، ومواقف متزنة ربّانية معتدلة ، ونشاط نافع ، وعلم صالح ، وصلاح عام .

*( فالإسلام دين عظيم يتمتع بشمول وجمال في كل جوانبه )*

-2- تجعل الإنسان يسعى دائماً للبلوغ بنفسه إلى درجة ما من درجات الكمال الإنساني في العقول والقدرات والطاقات الجسمية والعلمية وغيرها ؛ مما يجعله قادراً على الإرتفاع بنفسه والرقى بها.

3- - حصول الأمن النفسي ؛ فمن ثمار الذكر شعور المسلم بسعادة وأمن وإطمئنان في
نفسه ، ولذة وجدانية عالية فيظهر ذلك جلياً واضحاً على نفسه وقسمات وجهه
وجوارحه وأعضائه ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ
مُهْتَدُونَ ) .الأنعام 82 .
-4- يكفي أنّ ذكر الله طارد للشياطين.

-5- ذكر الله يرضي الله والملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم .

6- - يزيل الهمّ والغمّ عن القلوب ويقوي الأبدان.

7- - تشهد الأرض بشواهدها لذاكر الله كثيراً لا تراه من كثرة الذكر ظمآناً.

-8- الذي يذكر ربّه كثيراً على جنبه أو قاعداً أو نائماً يشهد كل ذلك له بالحب عند
الربّ الرحمن .

- قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في الموت ولا
في القبور ولا في النشوز ، كأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم يقولون :
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن .

- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس يتحسر أهل الجنّة على شيء إلا على ساعة
مرّت بهم لم يذكروا الله عزّ وجلّ فيها .

- قوله صلى الله عليه وسلم : سبق المفردون ، قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات .
- قوله صلى الله عليه وسلم: ما عمل آدمي عملاً أنجى له من العذاب من ذكر الله .

- قوله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ، قالوا : بلى ، قال : ذكر الله .

: 24-02-2012
طباعة