تفريغ الدرس الثاني من فتح الرب الغني على أصول السنة للإمام الحميدي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ الدرس الثاني من فتح الرب الغني على أصول السنة للإمام الحميدي 
  
لفضيلة الشيخ خالد الجهني حفظه الله

::::::::::::::::::::::::::::::::::::


لتحميل التفريغ بصيغة ورد



::::::::::::::::::::::::::::::::::::


لتحميل التفريغ بصيغة بي دي اف

::::::::::::::::::::::::::::::::::::




بسم الله الرحمن الرحيم 

تفريغ الدرس الثاني من فتح الرب الغني على أصول السنة للإمام الحميدي 


الحمد
لله وكفى وصلاةً على عباده الذين اصطفى وآله المستكملين الشرفا وبعد ، مرحبا بكم أيها
الإخوةُ المؤمنون وأيتُها الأخوات المؤمنات في هذه الدورةِ العلميةِ المباركة
. وهذا هو الدرس الثالث من دروس العقيدة من كتاب : فتحُ الرب
الغني على أصولِ السنةِ للإمام الحُميديّ
. وفي هذا الدرس نتعرفُ على ثمرةِ الإيمانِ بالقدر ، وعلى مراتبِ
الإيمانِ بالقدر ، وعلى التقاديرِ المتعلقةِ بمرتبة الكتابة
. قال الإمامُ الحُميديّ ُرحمه الله تعالى : [وأن يعلم أن ما
أصابه لم يكن ليُخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليُصيبه ، وأن ذلك كله قضاءٌ من الله عزّ
وجل]
. أي من العقيدة
أن نؤمن أن ما أصابنا لم يكن ليُخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليُصيبنا وأن ذلك كله بقضاءِ
الله وقدره سبحانه وتعالى ، كما جاء في حديث جابرِ بن عبد الله رضي الله عنه قال :
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ
خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ
، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَه
" . ومعنى هذا : أن العبد لا يؤمن ُ حتى يعلمَ أن ما
يصيبه إنما أصابه بقدر الله وأن مالم يصبُه إنما لم يُصبه لأن الله عزّ وجل لم يقدره
له ، كما قال سبحانه وتعالى : { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي
أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ
عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
. وقال تعالى : { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ
اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }
. قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : [قال غيرُ واحدٍ من السلف
والصحابة والتابعين لهم بإحسان : لا يبلغُ الرجلُ حقيقةَ الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه
لم يكن ليُخطئه وما أخطأه لم يكن ليُصيبه ولا يتم إيمانُ عبدٍ بالقدر إلا بتحقيقِ مراتبه
الأربعة]
: المرتبة الأولى
: هي مرتبةُ العلم . ومعناها أن نؤمن بأن كل شيء أحاطَ اللهُ عزّ وجل به علما ،
كما قال سبحانه
: { عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ }
. وقال سبحانه : { لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا }
. المرتبة الثانية : مرتبة الكتابة . ومعناها
أن نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم
بخمسين ألف سنة ، كما قال سبحانه
: { مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ } . وقال سبحانه : { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي
إِمَامٍ مُّبِينٍ }
. وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
" . المرتبة الثالثة : المشيئة . ومعناها أن نؤمن بأن
الله تعالى إذا شاء شيئاً أن يقول له كن فيكون ، فإذا أراد الله سبحانه أن تكون غنياً
كان ذلك و إذا أراد الله سبحانه أن تكون عالماً كان ذلك ، كما قال تعالى : { إِنَّمَا
أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }
. وقال سبحانه : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى
الْهُدَى }
. المرتبة الرابعة
: الخلق. ومعناها أن نؤمن بأن الله تعالى خالقُ كلِ شيء ، كما قال سبحانه
: { قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } . ولا يتحققُ الإيمانُ بمرتبةِ الكتابةِ إلا بالإيمان بما يدخلُ
تحتها من تقادير وهي التقادير الخمسة
:الأول : التقدير الأزلي . أي ما قدره الله سبحانه وتعالى قبل
خلق السماوات والأرض ، قال تعالى
: { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا } . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كَتَبَ اللَّهُ
مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ
أَلْفَ سَنَةٍ
 " .
التقدير
ُ الثاني : تقديرُ الميثاق . أي الذي أخذه الله سبحانه وتعالى على آدم وذريّته يوم
الميثاق ، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله تعالى لأهون
أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به ؟ فيقول
: نعم . فيقول : أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا ، فأبيت
إلا أن تشرك بي
" . التقدير الثالث
: التقدير العُمريّ . أي تخليق النطفة في الرحم
.كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ
أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ في ذلك عَلَقَةً مِثْلَ ذلك ثُمَّ يَكُونُ
في ذلك مُضْغَةً مِثْلَ ذلك ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ
بِأَرْبعِكَلِمَاتٍبِكَتْبِرِزْقِهِوَأَجَلِهِوَعَمَلِهِوَشَقِيٌّأوسَعِيدٌ "
.



 



4التقديرالرابع
:التقديرالحوليّ .



أيفيليلةالقدريُقدراللهسبحانهوتعالىفيهاكلمايكونُفيالسنةإلىمثلهاكماقالسبحانه
:



{
إِنَّاأَنزَلْنَاهُفِيلَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّاكُنَّامُنذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّأَمْرٍحَكِيمٍ
} . ففيهذهالليلةيُكتبُكلُشيءمماسيكونفيالسنة .



 



5التقديرالخامس
:التقديراليوميّ .



ومعناهسوقُالمقاديرُإلىالمواقيتالتيقُدرتلهافيماسبق،كماقالسبحانه  :



{
كُلَّ يَوْمٍ هُو َفِي شَأْنٍ } ،



قالأبوالدرداء
:



[يغفرُذنبًاويكشفُكربًاويرفعقومًاويضعآخرين]
.



سؤال الدرس :



ماهي
مراتب الإيمان بالقضاء والقدر؟



مع
ذكر معنى كل مرتبة و دليلعليها .



 



تعريف الإيمان عند أهل السنة والجماعة ، والأدلة على زيادة الإيمان
ونقصانه



 



قال الإمام الحميدي رحمه الله تعالى :

[
وأن الإيمان قول وعمل
، يزيد وينقص
]
.

أي أن الإيمان عند أهل
السنة والجماعة يتركب من أربعة أمور
:

الأول أنه قول .

الثاني أنه عمل .

الثالث أنه يزيد .

الرابع أنه ينقص .



ومعنى قوله : وأن الإيمان قول ، أي قول القلب وقول اللسان .

أما قول القلب :

فهو تصديقه وإيقانه .

والدليل على أن قول
القلب من الإيمان قوله تعالى
:

{
وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ
فِي قُلُوبِكُم }ْ
.

وقوله تعالى :

{
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ ءامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا
} .

أي صدقوا ثم لم يشكوا .

فمجرد علم القلب بالحق
إن لم يقترن به عمل القلب بموجب علمه ،


مثل محبة القلب له ،
واتباع القلب له ، لم ينفع صاحبه ؛ بل أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله
بعلمه

.

وأما قول اللسان :

فهو النطق بالشهادتين
؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
.

والدليل على أن قول
اللسان من الإيمان قوله تعالى
:

{
قُولُوا ءامَنَّا } .

وحديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم

:

أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ
النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله ، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ
اللّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ . فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا
مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإسلام وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّهِ
” .



قال شيخ الإسلام رحمه الله : “فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة
فهو كافر باتفاق المسلمين
” .



ومعنى قول الإمام الحميدي رحمه الله : وعمل ،

أي عمل القلب وعمل اللسان
والجوارح

.

أما عمل القلب ؛

فهو النية والمحبة والخوف
والرجاء والتوكل ونحو هذا
..

والدليل على أن عمل
القلب من الإيمان قول الله تعالى
:

{
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ
اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
}.

وقوله تعالى :

{
وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ
مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى
} .

وحديث رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
:

إِنَّمَا الأعْمَالُ
بِالنِّيَّات

” .

وأما عمل اللسان ؛

فهو ما لا يؤدى إلا
به كتلاوة القرآن وسائر الأذكار
.

وعمل الجوارح ؛

ما لا يؤدى إلا بها
كالقيام والركوع ونحو هذا


والدليل على أن عمل
اللسان والجوارح من الإيمان قوله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءامَنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصادِقُونَ }
.

وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لوَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسٍِ
:

آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ
بِاللَّهِ . وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَتُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ
الْخُمُسَ

.



وهنا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان هو الشهادة وإقام الصلاة وإيتاء
الزكاة وإعطاء الخمس من المغنم
.



ومعنى قول الإمام الحميدي رحمه الله : يزيد وينقص ؛

أي يزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية

.



ومن الأدلة على هذا قوله تعالى : { لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِم
}
.

وقوله تعالى : { وَيَزْدَادَ
الَّذِينَ ءامَنُوا إِيمَانًا }
.

وحديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : ” يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ، تَصَدَّقْنَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ
نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ
.

قَالَتْ النساء : وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا
وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟


قَالَ : أَلَيْسَ شَهَادَةُ
الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ؟ قُلْنَ : بَلَى
.

قَال :َ فَذَلِكِ مِنْ
نُقْصَانِ عَقْلِهَا ، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ؟


قُلْنَ : بَلَى .

قَالَ : فَذَلِكِ مِنْ
نُقْصَانِ دِينِهَا
” .



هذا الحديث فيه دلالة على أن الإيمان ينقص .



وقد أجمع السلف على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية كما ذكر ذلك غير
واحد منهم

.

سؤال الدرس :

ما هي الأمور التي يتركب
منها الإيمان عند أهل السنة والجماعة ؟


مع ذكر دليل على كل
واحد منها

.



نكتفي بهذا القدر

والحمد لله الذي بنعمته
تتم الصالحات
.




: 30-01-2016
طباعة