بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ المحاضرة السابعة
لمادة الحديث

شرح الأربعون النووية
لفضيلة الشيخ أشرف منعاز حفظه الله
دورة في ما لا يسع المسلم جهله

بمعهد النصرة الشرعي

www.alnosrah.org

 


إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترضيه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

حياكم الله وبياكم، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بين هذه الوجوه على الخير والطاعة في الدنيا وفي الآخرة في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

ما زلنا مع شيخ الإسلام محيي الدين يحيى بن شرف النووي عليه رحمة الله تبارك وتعالى، ومع هذه الرسالة المباركة المعروفة بـالأربعين النووية.

انتهينا بفضل الله تبارك وتعالى من شرح الحديث الرابع في هذه الأربعين وهو حديث مهم، يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن كيف يخلق الإنسان في بطن أمه ثم ما كتبه الله عز وجل عليه أو لهذا الإنسان ثم في أخر الحديث جملة أو جزء هو أهم ما في هذا الحديث ثم نصنف هذا الحديث أو أخر الحديث من ضمن أخوف الأحاديث من النبي صلى الله عليه وسلم. أي ينبغي على كل مسلم عاقل أن يتذكر ويضع بين عينيه هذا الحديث، حتى لا يغفل، وهو من أخطر الأحاديث التي تجعل الإنسان يرجع عن تقصير أو معصية أو ذنب يقدم عليه.


يقول الإمام النووي عن عبد الله بن مسعود وفي بعض النسخ عن أبي عبد الرحمان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ-: "إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمً انُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : يكَتْبِ رِزْقِه ، وَأَجَلِه ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيّا أَمْ سَعِيدا؛فوالله الذي لَا إلَهغَيْرهُ إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَايَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا. وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَايَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا". رواه البخاري ومسلم.

هذا الحديث كما سبق، إنه من أخطر الأحاديث، ولا بد للقارئ أو للمطلع على هذا الحديث أن يقف معه وقفات، ولا يغيب عن باله هذا الحديث. فهذا الحديث، كما قلت لا بد أن يوضع بين أعيننا ولا نغفل عنه وأن لا ننساه، بل لا بد أن نقرأ هذا الحديث كل يوم وكل لحظة. إذا أراد الإنسان أن يقصر في عمل، سواء في طاعة أو أراد أن يعصي الله عز وجل، أو أي شيء يتقدم به أو يتأخر به فليضع هذا الحديث بين عينيه.

عن أبي عبد الرحمن وهي كنية عبد الله بن مسعود وتقدم الكلام عن الكنية ، هل هي أفضل أم الاسم؟ وانتهينا إلى قول العلماء أو إلى قول بعض العلماء بأن الكنية أعلى رتبة من الاسم.


عبدالله بن مسعود أحد الصحابة الكرام رضي الله عنه وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له فضل عظيم ولا نستطيع أن نحصي فضل عبد الله بن مسعود في هذه الدقائق ولا في عشرات مثلها ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد أن يقرأ القران كما انزل غضا طريا فليقرأه على ابن أم عبد " أي عبد الله بن مسعود. ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما صعد عبد الله بن مسعود وكشف عن ساقه وضحك الصحابة من دقة ساقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنهما أثقل في الميزان من جبل أحد". فعبد الله بن مسعود صحابي جليل من أفاضل الصحابة رضي الله عنه وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

فيقول "حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم"، في بعض الروايات " أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم" والفرق ليس بكثير بين أخبرنا وبين حدثنا، إذ أن العلماء لا يفرقون بين حدثنا وأخبرنا على العموم، إلا عند بعض أهل العلم ممن قال إذا كان الإنسان يعرض على الشيخ، الطالب يقرأ على شيخه، فينبغي أن يقول : "أخبرنا" ولا يجوز "حدثنا"، أما إن كان الشيخ هو الذي يقرأ الأحاديث ففي هذه الحالة يجوز له أن يقول له "أخبرنا" ويجوز أن يقول "حدثنا". و"حدثنا" من أعلى صيغ التحديث بعد كلمة "سمعت" أو "سمعنا" فأعلى صيغ التحديث "سمعنا" أو "سمعت" ويليها "حدثنا" و"حدثني".

ثم هو يقول "حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق" هذا وصف للنبي صلى الله عليه وسلم. طبعا، النبي صلى الله عليه وسلم هو صادق ومصدوق. ولكن لماذا ذكر عبد الله بن مسعود هذه الصفة في هذا الحديث بالذات؟ طبعا نحن نقر بأن النبي صلى الله عليه وسلم صادق ومصدوق وأنه أمين أن فيه الصفات الجليلة والكاملة ولكن لماذا في هذا الحديث؟

أولا "الصادق المصدوق" أي صادق فيما اَخبر به، المصدوق فيما اُخبر به. يعني إذا تكلم يتكلم بالصدق وإذا أخبر بشيء فهو كلام صدق من عند الله عز وجل، وإذا نطق هو بكلام هو كلام صدق. إذا "الصادق المصدوق" صادق فيما أخبر به المصدوق فيما أخبر به. ولابد أن نستحضر قول الله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴿٤﴾) يعني كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج من تلقاء نفسه بل هو وحي من قبل الله تبارك وتعالى.

لما امتنع عبد الله بن عمرو بن العاص عن الكتابة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت له قريش: إنك تكتب عن محمد صلى الله عليه وسلم كل شيء فما يدريك لعله كان في يوم غضب فتكتب أو يخرج من رأسه ما لا يعقله ، فامتنع عبدالله بن عمرو بن العاص من الكتابة وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم مالك لا تكتب قال: قالت قريش كذا وكذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اكتب والذي بعثني بالحق لايخرج من هذا الا حقا"، وأشار إلى لسانه.

 أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم إلا بالحق، سواء في حال الفرح أو في حال الغضب. النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

فقول عبد الله بن مسعود " أخبرني الصادق المصدوق" أي الذي صدقه الله عز وجل، الذي يتكلم بالصدق. إذًا، لماذا ذكر عبد الله بن مسعود لفظ أو صفة الصادق المصدوق في هذا الحديث؟ قلنا قيل ذلك في شرح هذا الحديث لأن هذا الحديث، من أوله إلى آخره كله في أمور الغيب، خاصة في الجزء الأول منه، فإنه أمور غيبية ومع ذلك نحن نراها عيانا بيانا. نرى حالة الولادة وحالة الحمل أو من قبلها حالة الجماع ثم حالة الولادة ومع ذلك لا ندري كيف تتم عملية تجميع خلق الإنسان في الرحم. عندما يخبر عبد الله بن مسعود بهذا الكلام وقد أخبر قبل ذلك هو وغيره بأمور غيبية ولم يقل أخبرني الصادق المصدوق، لأنها أمور غيبية لا طاقة للبشر إلا التصديق فحسب، ولم يرها قبل ذلك. يعني عندما يصف الجنة أو يصف النار أو عذاب القبر أو نعيم القبر أو يصف الجنة أو غير ذلك أو أمور تحدث يوم القيامة، فهذه أمور غيبية، فنحن نسلم بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بها وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو جاء في كتاب الله عز وجل. أما أمور غيبية وقد تكون عينية، يعني يراها الإنسان بعينه، فهذا هو الإشكال. ولم يكن في وقت عبد الله بن مسعود ولا في العهد الذي بعده بكثير أدوات يستطيع الإنسان أن يتوصل إلى ما يحصل أو ما يحدث في بطن الأم وتكوين الجنين وغير ذلك. لذلك أراد عبد الله بن مسعود أن ينبه السامع إلى أن ما سيتلى عليه أمور غيبة، فلابد أن تصدق بها لأنه سيحدد أشياء لا طاقة للإنسان، أو للبشر في وقته أن يتعرف على هذه الأمور. فلابد أن تسلم بها تسليما كاملا لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

إذًا، قوله "الصادق المصدوق" لعل كما قلنا هذا الأمر بهذا الوصف، لأن هذه الأمور غيبية ولكن لا يستطيع أحد الوصول لها مع أنها موجودة ونراها ونرى نتائجها، من حمل وولادة وغير ذلك، ولكن يراد به كل الناس، كل بني آدم كما في قول الله عز وجل: (وَالْعَصْرِ﴿١﴾ إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ﴿٢﴾) قوله إن الإنسان في هذه الآية معناها كل إنسان مسلم أو كافر، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، إن الإنسان لفي خسر. كل بني آدم لفي خسران إلا، استثنى الله عز وجل، من فيه أو من تحصل على بعض الصفات، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴿٣﴾).

إذا، قوله " إنَّ أَحَدَكُمْ "هذا وإن كان في الظاهر أو في الصورة خاص بالصحابة إلا إنه عام في بني آدم سواء ذكر أو أنثى، أو مسلم أو كافر. "إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ " يجمع يعني يضم بعضه البعض بعد الإنتشار . يعني عند جماع الرجل بالمرأة يحصل نزول المني فينتشر في رحم المرأة وقوله "إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ" يجمع أي يجمع هذا الذي انتشر بعد ذلك بتكوينه ونشأته ، يجمع خلقه أي بتكوينه ونشأته. كيف يتم بعد أن يجمع؟ بين انتشاره وبين يجمع خلقه أربعين يوما. بعض الروايات: أربعين ليلة، ولا إشكال فيه، فاليوم إذا أطلق قد يراد به الليلة والليلة إذا أطلقت فقد يراد بها اليوم إلا في الاختصاص المنصوص عليه كقول الله عز وجل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍۚ) . وليلة القدر فإذا قال الله في هذا ليلة القدر هي خاصة بالليلة ليست باليوم ولكن أربعين خريفا، أربعين ليلة، أربعين يوما، فهي بمعنى واحد. فسبب العدد الكثير، لا إشكال فيه كما قلنا فإن الليلة تقتضي اليوم واليوم يقتضي الليلة.

" وَإنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا " أربعين يوما ماذا؟ "نطفة" والنطفة هي المني يعني بداية خلق الإنسان مني، وأصلها الماء القليل، أشبه بقطعة الكبد، أشبه بهذا يعني.

الدم الغليظ المتجمد، وجمعها عِلَق تقول عَلَقَ جمعها ِعِلَق.

" إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ " المضغة هي اللحمة قليلة القدر، قليلة، لحمة صغيرة وتكون بقدر ما يمضغ أي يمضغه الإنسان، لذلك سميت مضغة أي على قدر ما يأكله الإنسان. هذه قطعة اللحم سميت مضغة.

طيب، حتى لا يلتبس على السامع هل النطفة أول أم المضغة أم العلقة؟ كثير من الناس يحصل عند التباس في أيهما أول؟ يعني يقرأ الحديث أو يقرأ الحديث فينسى. "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما علقة ثم نطفة ثم؟ ينسى. أنت عليك أن تجمع أول حرف من الكلمات الثلاث ستجد كلمة "نعم". إذا، نطفة علقة مضغة، بهذا لن تنساها أبدا إن شاء الله عز وجل. إذا، نطفة علقة مضغة، أول حرف النون والعين والميم، هذه الكلمة تسمى "نعم".لن تنساها إن شاء الله عز وجل.

الله عز وجل ذكر في كتابه هذه المراحل الثلاثة فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ) يعني إن كنتم في شك يعني هذا تحد وإعجاز من الله عز وجل لكل من سولت له نفسه أن يشك في خلق الله عز وجل، بل ويشك في بعث الإنسان بعد موته، فيقول الله عز وجل له إن كنتم في ريب من البعث ( فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ) كيف خلقنا من تراب؟ أي خلق أصلنا من تراب، أي آدم عليه السلام. خلق آدم من تراب، خلقت منه حواء ثم تناسل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فأصل خلقتنا من تراب (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْعَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) أي مكتملة وغير مكتملة، لها شكل. ويأمر الله عز وجل أن تكون مخلقة أي لها شكل، هيئة ويكون تكتمل أو غير مخلقة ليس لها شكل بل يحدث منها السقط وغير ذلك قبل تخليقها وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء، وهذا أيضا إعجاز من الله عز وجل لأن الله تبارك وتعالى بيده كل شيء، كل شيء بيد الله تبارك وتعالى. (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى). والله عز وجل هو الذي بيده هذا الأمر الحمل أو الولادة أو صمود الحمل أو غير ذلك يهب لمن يشاء الإناث والذكور ويجعل فلانا عقيما وفلان يرزقه الولد، فلان يرزقه البنات، فلان يرزقه عدد كثير من الأولاد وعدد قليل من البنات وغير ذلك هذا كله من علم الله عز وجل هو رحمة من الله عز وجل. من تدبر هذه الأفعال من الله عز وجل علم أن الله عز وجل يرحم عبده ولكن الناس دائما في عجل، ودائما لا ينظرون إلى المآل. الكثير منهم ينظر إلى الحال. فقد يكون هذا الإنسان الذي تكلمنا عنه، وهذا نداء لمن يتعجل الولد، يقول أريد ولد. نعم الولد قرة عين أبيه ولكن قد يكون هذا الولد هو سبب لدخولك النار وأنت لا تدري، حينها تتمنى أنك لم تتزوج ولم تنجب هذا الولد. لذلك علينا أن نلجئ كل أفعالنا وأقوالنا لله عز وجل. دائما نلجأ إلى الله عز وجل ونستخير ربنا سبحانه وتعالى وندعوه بأن ييسر لنا الخير حيثما كان وييسر لنا التوفيق حيثما كان. فيقول الله عز وجل: (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمّ َلِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ) لماذا؟ (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا). يعني هذا الإنسان قد يموت وهو طفل أو بعد ذلك أو يموت في السن التي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "أعمار أمتي بين الستين والسبعين أو الخمسين والستين". ومن الناس _ وهم قليل _ من يرد إلى العمر، يعني يبلغ به العمر والسن مبلغا يكون عنده مائة وكذا أو فوق التسعين أو غير ذلك، فهذا يسمى بأرذل العمرة، لماذا؟ (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًاۚ ) خلاص، مهما بلغ الإنسان من العمر فلن يتعلم خاصة في هذه الأحوال قد يكون عنده علم ولكن لا يتعلم علما زائدا على ما عنده بعد هذا العمر.

في قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ ". الملك، واحد من الملائكة، واختلف العلماء هل المراد بجنس الملائكة أي واحد من الملائكة أم هناك ملك موكل بالأجنة ملك موكل بالأجنة وعلى هذا خلاف بين أهل العلم. يعني هناك ملك موكل بالجبال، ملك موكل بالنبات، ملك موكل بقبض الأرواح، ملك موكل بالنار أو خازن النار، هناك ملك موكل بكذا ،موكل بكذا إلى آخره (حملة العرش سياحون في الأرض، منهم من ينزل إلى الأرض فيقول كل يوم اللهم أعط ممسكا تلفا، ويقول الآخر اللهم أعط منفقا خلفا، إلى آخر هذه الأنواع والأجناس أو الصفات من الملائكة). فهل المراد أن هناك ملك موكل بالأجنة؟ ام قول النبي صلى الله عليه وسلم " ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ " أي أي ملك على خلاف بين أهل العلم.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم " ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ" الروح هي من أمر الله عز وجل، والروح من شأنه سبحانه وتعالى. لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى كنونه هذه الروح. ولا كينونة هذه الروح لأن الله عز وجل قال : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖقُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فالروح لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى كينونتها لأن الله عز وجل أخفاها عن البشر _ ومن البشر النبي صلى الله عليه وسلم وهو رسول الله ومن أفضل البشر_ ومع ذلك لا يدري النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح شيء لأن الله عز وجل أوكل أمرها وعلمها إليه سبحانه وتعالى، وينفخ فيه الروح يعني الملك الذي موكل بالأجنة يأمره الله عز وجل أن ينفخ في الروح، وهذا النفخ كما قال الإمام النووي اتفق العلماء على أن هذا النفخ لايكون إلا بعد هذه المراحل الثلاث. وكل مرحلة أربعين يوما أو ليلة. فالنفخ لايكون إلا بعد هذه الأمور الثلاث.

" ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ " ومع النفخ في الروح "وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ". أي يؤمر الملك بأربع كلمات كان معه رسالة مع الله عز وجل بهذه الكلمات الأربعة. ثم يؤمر بأربع كلمات، هذه الأربع لا يعلمها إلا الله عز وجل، يأمر الله عز وجل بها الملك فيكتبها.

ويؤمر هذا الأمر من الله عز وجل، أمر من الله تبارك وتعالى بأربع كلمات، بكتب رزقه، أي يكتب رزق الإنسان وهو جنين في بطن أمه، " بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٍّ أَمْ سَعِيدٍ ". أربع كلمات: الرزق والأجل والعمل وشقي أو سعيد.

طيب، لقائل أن يقول:

- إذًا، الإنسان يكتب هذه الأعمال وهو في بطن أمه.

- وعندي حديث آخر بأن الله عز وجل أول ما خلق الخلق خلق القلم قال له اكتب قال ما اكتب قال اكتب كل شيء إلى قيام الساعة.

- وسبق الكلام بالنسبة للقدر والإيمان بالقدر. * قلنا أن الله عز وجل قدر مقادير الخلق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

فكيف يؤمر بكتابة أربع كلمات وهو في بطن أمه؟

نقول: هذا لا ينافي ما قدره الله سابقا قبل خلق السماوات والأرض، لأننا قلنا أن تقدير القدر، أربع تقديرات.

1-تقدير عام وهو الذي قدره الله عز وجل قبل خلق السماوات والأرض وكتبه الله في اللوح المحفوظ.

2-ثم تقدير عمري وهذا الذي معنا في هذا الحديث، تقدير عمري.

3-ثم تقدير حولي يعني سنوي (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍۚ).

4-وتقدير يومي (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴿٢٩﴾).

فهذا القسم الثاني من أنواع أو من أقسام التقدير وهو التقدير العمري( تقدير عام سبق الكلام عنه وهذا تقدير عمري).

" وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ "، الرزق هو ما يرزقه الله عز وجل للإنسان سواء حلال أو حرام، هذا يسمى برزق، خلافا للمعتزلة فإنهم قالوا بأن الرزق الحرام لا يسمى رزق أو الأكل الحرام لا يسمى برزق بل عند أهل السنة والجماعة يسمون هذا رزق وإن كان حراما لا يخرجه عن وصفه بالرزق بأنه حرام نعم رزق رزقا حراما، أكل حراما، فلا مانع أن يوصف بأنه رزق ولكن يقال رزق حرام لأن الذي رزقه هذا أو سخر لهم هذا الله عز وجل.

" بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ " أي عمره، كم يعيش؟ كم يكون الإنسان في هذه الدنيا وعلى هذه الأرض؟ يسعى يأكل ويشرب وينام ويعمل ويصلي أو يعصي يطيع يفعل الحلال أو الحرام. ثم يأتيه أجله فإذا كان الإنسان يؤمن بأن له أجل فهذا سيريحه طيلة حياته. وأيضا إن كان عنده يقين بالرزق فأيضا سيرتاح في أمر طلب المال أو طلب الرزق لأن رزقه كما قالوا الرزق كالموت سيأتيك لا محالة. لأن الله عز وجل قدر لك رزقك ستأخذه.

 وفي الحديث "وأن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها" هذه النفس لن تموت حتى تستكمل رزقها أي تستوفي رزقها من الله عز وجل.

" بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ " الأجل هو العمر. طيب، هل العمر يزيد أو ينقص أم يزال ثابتا؟ عندنا أحاديث الظاهر منها أن الأجل وأن الرزق يتغير، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "من أراد أن يزيد الله عز وجل في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه" وفي بعض الروايات "فليبر والديه" قول النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن يزيد الله عز وجل في رزقه أي أن زيادة الرزق متاحة، وينسأ له في أجله أيضا زيادة العمر متاحة في ظاهر هذا الحديث.

فأهل العلم فسروا قول النبي صلى الله عليه وسلم بزيادة الرزق بالزيادة الحقيقية وأن هذه الزيادة أيضا مقدرة عند الله عز وجل، فلا يكون في كون الله عز وجل إلا ما قدره الله تبارك وتعالى وشاءه الله سبحانه وتعالى وعلمه وكتبه وأراده سبحانه وتعالى. فالرزق مع الزيادة في تقدير الله تبارك وتعالى. يعني الأجل مع الزيادة أيضا في تقدير الله تبارك وتعالى. فلا يكون في الخلق إلا ما أراده وشاءه الله سبحانه وتعالى.

وبعض أهل العلم قال بل المراد بزيادة الرزق أي البركة في الرزق _ أي البركة في الرزق _ وأيضا في طول الأجل معناه أن الإنسان يرزق البركة في عمله وفي صحته حتى أنه يكون بعد وفاته يذكر ويؤخذ من علمه ومن سيرته والناس يثنون عليه وغير ذلك فكأنه عاش بين الناس. فأنت الآن تذكر ابن تيمية وتذكر أحمد بن حنبل وابن عباس ونذكر الشافعي والبخاري ومسلم وغيرهم من أهل العلم، فكأن هذه حياة أضيفت إلى حياتهم.

فقول النبي صلى الله عليه وسلم "ينسأ له في أجله ويزيد الله عز وجل في رزقه" فإما على المجاز أي بالبركة وبركة الرزق أو البركة في العمر أو على الحقيقة ومع الحقيقة أيضا يكون قد كتبه الله عز وجل لهذا الإنسان يعني كان الله عز وجل كتب لهذا الإنسان أنه مثلا عمره ستين عاما ثم يكون بارا بوالديه أو يصل رحمه فيزيد الله عز وجل عليه مثلا خمس سنوات أو عشر سنوات أو أكثر أو اقل فيكون عمره إجمالا خمسة وستين أو اثنين وستين أو أقل أو أكثر. هذا يكون بتقدير الله عز وجل مسبقا.

ولكن فاعلم يا عبد الله أن الله عز وجل كتب كل شيء وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم "رفعت الأقلام وجفت الصحف" يعني كل هذا كتب من قبل الله عز وجل قبل خلق السماوات والأرض بخمسين الف سنة.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم " بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ " وعمله، هل يكون من العاملين لله عز وجل من العابدين أم من العاصين والمذنبين؟ هل من المؤمنين أم من المشركين؟ هل من المسلمين أم من العصاة؟

ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم " وَشَقِيٍّ أَمْ سَعِيدٍ " هل تكون في الدنيا شقيا بالبعد عن الله عز وجل أو بالشرك أو بالبدعة أو بالمعصية أو بتقصير في طاعة الله عز وجل أم سعيدا بطاعة الله بالقرب من الله بالتمسك بكتاب الله والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والسير على هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "فَوَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ أَحَدَكُمْ "، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالانتقال إلى الجزء الاهم والاخطر في هذا الحديث المبارك فيقول النبي صلى الله عليه وسلم "فَوَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ أَحَدَكُمْ " لا بد أن ننتبه، اذا اقسم النبي صلى الله عليه وسلم لابد ان ننتبه إلى قسم النبي صلى الله عليه وسلم . "فَوَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا " قلت لك قبل ذلك لابد أن تضع هذه الجملة من أول قول النبي صلى الله عليه وسلم "فوالله" من أول القسم إلى آخر الحديث هذا الجزء من الحديث يعني لا أبالغ إن قلت ينبغي بل أشد من ذلك أن يجعل الإنسان هذا الحديث أو هذا الجزء بين عينيه، بحق هو أهل لأن يهتم الإنسان به، لأنه يمثل حياة المسلم وحياة الكافر، يمثل حياة كل إنسان على وجه الأرض، وأنت حالك لا يخرج عن هذين الرجلين.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم "فوالله" ويقسم النبي صلى الله عليه وسلم، وسبق في أول الحديث "الصادق المصدوق" أي لا يحتاج إلى القسم، فهو صادق ومصدوق. فالصادق لا يحتاج أن يقسم و لا أن يبرر أو يؤكد كلامه بل الصادق يصدق من أول كلمة إلى آخر كلمة، فلا نطلب منه قسما ولا غير ذلك ومع ذلك لو أقسم الصادق فهذا يكون أمر جلل أمر عظيم كما أقسم الله عز وجل. فإذا أقسم الله عز وجل علم الإنسان أن هذا المقسوم عليه أمر عظيم وجلل.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم "فَوَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إنَّ أَحَدَكُمْ " ومع القسم يقسم بتوحيد الله عز وجل يعني يختار قسما فيه توحيد الله عز وجل فلو قال الإنسان مثلا فوالله لأفعل كذا فوالله ما فعلت كذا أو فعلت كذا، فهذا قسم ولكن مع القسم توحيد لله عز وجل. لا ينسى رسول الله صلى الله عليه وسلم التوحيد حتى في القسم "فَوَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ " ينفي الآلهة ينفي كل شيء ينفي إشراك أي إنسان أو أي مخلوق مع الله عز وجل. لا إله غيره إن أحدكم ليعمل _ أي إن بني آدم، إن الإنسان _ ليعمل بعمل أهل الجنة، في بعض الروايات فيما يرى للناس فيما يراه الناس من أن هذا العمل من عمل أهل الجنة، يعني يراه الناس يدخل المسجد يراه الناس يذهب إلى الحج يراه الناس يذهب إلى العمرة يراه الناس يتصدق وهذا مما يراه الناس في الظاهر أنه من أهل الجنة أو هذه الأعمال أعمال خيرية، أو أنه عمل صالح يعني يتقرب الإنسان به إلى ربه، ولكن كما قلنا فيما بيدوا للناس، فكلمة فيما يبدو للناس أي أنه في الظاهر وما يراه الناس أنه من عمل أهل الجنة ويقترب من الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. يعني هذه الأعمال التي قام بها الإنسان هذا الشخص أعمال تقربه إلى الجنة حتى قرب من الجنة فلم يبقى على دخول الجنة إلا ذراع واحد، والذراع هو ذراع الإنسان العادي يعني تقريبا من أربعين سنتيم أو خمسة وأربعين سنتيم يعني مسافة قصيرة جدا، جدا.

تخيل بينك وبين الجنة ذراع، بينك وبين الجنة سنتمترات، فيسبق عليه الكتاب. ما هو الكتاب؟ الذي كتبه الله عز وجل على هذا الإنسان قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وهو في بطن أمه. وهذا الكتاب الذي يكون ظلمة القبر. وهذا الكتاب الذي يكون في كل يوم. تقدير عام وتقدير عمري وتقدير حولي أو سنوي وتقدير يومي فهذا من الكتاب الذي يقدره الله عز وجل على كل إنسان. نعم مهما بلغ عدد المسلمين أو عدد الناس على وجه الأرض، فالله عز وجل خالق وقوي، والله عز وجل مقتدر سبحانه وتعالى وقوي ومتين، وعزيز وحكيم سبحانه وتعالى، يقدر على كل شيء بيده ملكوت السماوات والأرض.

" فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ " أي الذي قدره الله عز وجل عليه من قبل فيعمل بعمل أهل النار. تراه طول الحياة أمام الناس يصلي ويصوم و يزكي ويحج ويعتمر ويجاهد ويقرأ القران ويذهب إلى الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيما يبدو للناس، ولكن ترى بأن الله عز وجل يجعله يعمل بعمل أهل النار، كأن يرتد عن دينه ويترك دين الإسلام أو غير ذلك، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. يعني لا يغتر الإنسان بكثرة الطاعات التي يفعلها، لابد أن يخلص النية لله.

يا عبد الله يا من دخلت الآن تستمع إلى درس أو موعظة أو علم يا من دخلت الآن، وهذا على العكس يامن دخلت الآن لتتباهى وتقول إني أحضر الدروس واحصل العلم حتى أناقش فلانا وأجادل فلانا، أقول له اتق الله وراجع نفسك فان هذا العمل سيكون وبالا عليك. ويا من دخلت لتتعلم أقول لك اصلح النية واخلص النية لله عز وجل واجعل عملك لله.

نعم تعلم العلم وامر بالمعروف وصل رحمك واقرأ القرآن واذكر ربك وجاهد في سبيل الله عز وجل وافعل الخيرات وصل رحمك وبر والديك واذكر ربك سبحانه وتعالى وتعاون على البر والتقوى، افعل كل هذا الخير ولكن لا تنسى أن تجعل نصب عينيك النية لله عز وجل خالصة لله سبحانه وتعالى.

تصدقت بصدقة وذهبت إلى غير المتصدق ولكنه فقير ويحتاج إليه فلا تحزن، فإن كان وحزنت فاعلم أنها ليست لله. إن ذهبت لتصلي وكنت تنوي أن تصلي أنت بالناس فجاء من يصلي بالناس وأنت ترى إنك أولى وأفضل وتغيرت نيتك وقلبك على أخيك الذي صلى بك، فاعلم أن نيتك ليست سليمة بصلاتك بالناس، فإنك ترائي بصلاتك أو ترائي بصوتك أو بحفظك أو غير ذلك.

فراجع نفسك وعلى هذا فقس كل إنسان منا، لابد أن يعرض عمله وقوله وحركاته وسكونه على هذه الجزئية من هذا الحديث. " إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ "، كثرت عبادته وطاعته وقربه إلى الله عز وجل وهذا ليس فيه باس وليس فيه تخويف من العبادة بل فيه تخويف من النية بل فيه تخويف من عدم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم. الإنسان يعمل أشياء كثيرة ولكن إنما الأعمال بالخواتيم، كما الأعمال بالنيات الأعمال بالخواتيم. هل الإنسان الذي يختم له بالصلاح كمن يموت ساجدا أو راكعا أو مجاهدا أو مرابطا أو عالما أو متعلما كمن يموت مثلا بمعصية أو على ذنب أو على بدعة أو على شرك؟ والله لا يستويان أبدا.

"فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا " نعوذ بالله من النار. فتخيل ذكر الجنة والنار في الحديث يعمل بعمل أهل الجنة بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب، أي يخرج ما قدر الله له إنه من أهل النار، ولكن لما عمل بعمل أهل الجنة لم يكن مخلصا لله كان يرائي به، كان فيما يبدو للناس، يخادع الناس، ولكن الله عز وجل لا يخادع. الله عز وجل قدر له أنه من أهل النار.

وبعض أهل العلم يقول ليس هو من أهل النار، يعني ليس هو من أهلها إنما يدخل النار لأنه كان عاصيا أو عمل معصية فيدخل النار على قدر المعصية التي قام بها أو فعلها ثم يرجع فيدخل الجنة. يعني إن هذا الإنسان على طاعته، وإن أخطأ، وإن عصى الله عز وجل أو قصر في شيء أو في بعض الأمور خرج لم يصحح نيته فيها فهذا " فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ " فقدر الله عليه إنه لن يدخل الجنة من أول وهلة لن يدخل الجنة مع أول الداخلين، أول زمرة تدخل الجنة كما في هذا الحديث الصحيح أن أول زمرة تدخل الجنة على هيئة القمر في صورة واحدة، وجوههم مثل القمر وبعض الناس يدخل الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب، نسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا منهم. ومن الناس من يفعل كذا وكذا إلى آخره. ومن الناس من يعذب في النار ثم يخرجه الله عز وجل ويدخله الجنة. ولعل هذا الإنسان يكون يعمل بعمل أهل النار، أي يكتب له بعمل معصية معينة، فيكون من الداخلين إلى النار ثم يخرجه الله عز وجل فيدخله الجنة بعد ذلك.

لعل هذا على خلاف عند أهل العلم في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم " فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا "هل هو دخول أبدي أم هو دخول جزئي أو مؤقت على حسب معصيته و تقصيره أو ذنبه أو الشيء الذي قصر فيه أو وقع في معصية أو ذنب. هذا على خلاف بين أهل العلم في فهم قول النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجزئية.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّة فَيَدْخُلُهَا". رجل مشرك قرب على الموت أي أشرف على آخر العمر مشرك، كافر بالله عز وجل، ملحد، مرتد، أيا كان فهذا عمل أهل النار أي عمل أصحاب النار الذين يخلدون فيها، فيسبق عليه الكتاب أي تقدير الله عز وجل له بأنه سيتوب إليه سبحانه وتعالى، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة سواء كان في الشرك ثم يكتب له بالإسلام ويدخل الجنة، أو إن كان بمعصية أو بدعة وضلال وذنوب ومعاص وهلاك وابتعاد عن طاعة الله عز وجل ثم يتوب الله عز وجل عليه في آخر عمره فيعمل بعمل أهل الجنة، كالذكر والعبادة والقرب من الله عز وجل وبر الوالدين والعمرة والحج والجهاد والأمر المعروف والنهي عن المنكر والعلم الشرعي وقراءة القرآن والأذكار وغير ذلك من هذه العبادات، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. فهذا المغبون حقا أن يدخل الإنسان الجنة ليس أن يقيم على معصية ولكن أن يوفق إلى التوبة، أن يوفق إلى اللجوء إلى الله عز وجل، كما ذكر أهل العلم من أهل التربية والمربين قالوا أن الإنسان الذي يعصي الله عز وجل ثم يتوب إليه يقال له يا مسكين ما الذي أو من الذي يمهلك حتى تتوب إلى الله عز وجل وأنت على معصية. يعني وأنت أخذت قرارا بأنك ستعصي الله ثم تتوب إليه، هل تضمن إنك تعيش إلى أن تتوب؟ ثانيا إن عشت إلى هذا الوقت الذي تقول عنه أنك ستتوب هل ستوفق إلى التوبة الإنسان يعيش. فالذين يعصون الله ليلا نهارا هل وفقوا للتوبة؟ لم يوفقوا للتوبة إلا من يتوب الله عز وجل عليه. وهذا لم يوفق للتوبة ثالثا: إن قدر الله لك أن تعيش إلى وقت التوبة ووفقت إلى التوبة وفقك الله إلى أن تتذكر أن تتوب إليه سبحانه وتعالى وتندم على هذه المعصية، هل تضمن أن الله يتقبل منك التوبة؟

لابد أن تضع هذه المراحل الثلاث بين عينيك: هل تضمن أن تعيش للتوبة هل تضمن إن عشت توفق للتوبة إلى الله عز وجل؟هل تضمن إن عشت لوقت التوبة ووفقت إلى أن تتوب إلى الله، هل تضمن أن يتقبل الله منك التوبة؟

"فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ " الله عز وجل تاب على آدم عليه السلام. وتاب على جميع الأنبياء والمرسلين. تاب الله عز وجل عليهم قبل أن يفعلوا ذنبا وبعد وجودهم وبعد إبلاغهم بالرسالة وإن وقع من أحدهم خطأ فقد وفقه الله عز وجل للتوبة وتقبل الله عز وجل منه التوبة فيما نراه نحن معصية أو خطأ، ولكن عند الله عز وجل كأنه لم يكن لأن الله عز وجل تاب عليه.

هل تضمن أنت انك تعيش؟ هل تضمن انك إن عشت توفق؟ هل أنت تضمن إن عشت ووفقت أن يتقبل الله عز وجل منك؟ فإن كانت الإجابة لا، فعليك أن تبتعد عن معصية الله، من الآن، من هذه اللحظة، لا تؤجل، لا تقل الغد، لا تقل من اليوم، بل قل من الآن من هذه اللحظة. لن أعصي ربي سبحانه وتعالى لأني لا أضمن أن أعيش وإن عشت لا أضمن أن أوفق وإن وفقت لا أضمن أن الله يتقبل الله مني.

انظر إلى عبدالله بن عمر قال "لإن يتقبل الله عز وجل مني ركعتين خير لي من الدنيا وما فيها". لماذا؟ لأن الله عز وجل جعل قبول العمل من المتقين، (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) الله عز وجل يتقبل من المتقي ومن المؤمن الخالص لله عز وجل. فعبد الله بن عمر يفقه هذه الآية حق الفهم والفقه (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) فإذا كان يأتيه وحي أو أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أو أخبر هو ببشرة كرؤية أو غير ذلك بأن الله تقبل منه عملا واحدا، كأنه دخل في زمرة المتقين.

فعلينا أن نتوب إلى الله عز وجل وعلينا ألا نركن إلى طاعة قدمناها لا نفرح بعلم تعلمته أو بجهاد قمت به أو بقراءة القرآن ولا ببر الوالدين ولا بصلة الرحم ولا بذكر ولا بغير ذلك من هذه العبادات. لا تفرح بها ولكن الجأ إلى ربك أن يتقبل منك هذا العمل، فأنت يا مسكين لا تدري هل قبله الله منك أم لا هذا العمل الذي قمت به هل تدري هل قبله منك أم لا؟ إن كانت الإجابة لا، لم يتقبله الله منك فعليك أن تراجع نفسك وأن تقدم طاعة لله عز وجل تشعر بأن الله تقبلها منك. وإن كانت الإجابة نعم، تشعر بأن الله تقبلها منك، أقول عليك أيها العبد أن تشكر ربك على قبول الطاعة. قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أكثر من قيام الليل تورمت قدماه وخرج منها الدم قالت عائشة على "رسلك يا رسول الله ألم يغفر الله عز وجل لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أفلا أكون عبدا شكورا". هذا النبي صلى الله عليه وسلم، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع ذلك ارتقى إلى منزلة الشكر. فأنت يا عبد الله إن كنت تشعر بأنك قمت بعمل تقلبه الله عز وجل منك فعليك أن تتقدم بالشكر لله تبارك وتعالى وأن ترتقي إلى منزلة الشكر، منزلة عالية جدا لا يرتقي إليها إلا الصلحاء وإلا المتقين، فكن أنت منهم، كن كالنبي صلى الله عليه وسلم. فعليك أن تضع هذا الحديث بين عينيك، أن الله عز وجل خلقك من نطفة مهينة. قال النبي صلى الله عليه وسلم وبصق على يده وقال: يقول الله عز وجل: "يابن آدم خلقتك من هذه فأنا تعجزني؟". خلقت من نطفة مهينة من ماء مهين فلم التكبر؟ ولم التجبر؟ ولم البعد عن الله عز وجل وعن طاعة الله تبارك وتعالى. يابن آدم لا تكترث لمالك وتقول مالي، مالي. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "يقول ابن آدم مالي مالي". فهل لك من مالك يابن آدم إلا ما أكلت فأفنيت ولبست فأبليت وتصدقت فأبقيت. أيها المسلم، أيها العاقل ارجع إلى أصلك إنك خلقت من نطفة ثم بعد ذلك أصبحت علقة ثم بعد ذلك أصبحت مضغة ثم شاء الله عز وجل لك الاكتمال. وأمر ملكا كريما مطهرا من عند الله عز وجل، وموكل من عند الله تبارك وتعالى أن يكتب لك أربع كلمات الأجل والرزق والعمل وشقي أو سعيد. فلم التعب ولم العبث ولم التنافس في أمور الدنيا. نعم نتنافس في الآخرة. لما ذكر الله عز وجل الآخرة والجنة وما أعده الله عز وجل لعباده المتقين ذكر التنافس، ذكر المسارعة والمسابقة (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴿١٣٣﴾). وسارعوا إلى مغفرة، ولما جاء عند ذكر الدنيا وطلب الرزق قال الله عز وجل (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) فأمرنا أن نمشي في الأرض، أما في الآخرة في أمور الآخرة والجنة فأمرنا بالمسابقة والمسارعة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وأن نسعى إلى الصلوات وأن نسعى إلى الجمعة وإلى الصلوات الخمس أن نسعى إلى الصلوات إلى القربات وأن نتنافس فيما بيننا على الطاعات لأنها أمر أزلي أمر أزلي سيدوم أن تدخل الجنة وتكون مع النبيين والصديقين والشهداء ليس في الجنة عمل بل استقرار، وهذه جائزة من الله تبارك وتعالى لعباده الطائعين فهل قمنا بهذا العمل؟ أم قرأنا الأحاديث كما نقرأها كثيرا وكثيرا ولم نعمل بها؟ الحديث أمام عينيك الآن، تسمعه وتقرأه، "إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٍّ أَمْ سَعِيدٍ" فأنت يا مسكين لا تدري هل كتب الله اسمك؟ هل من أهل الجنة أم من أهل النار؟ لا تركن إلى أن تقول أنا ولدت مسلما وأنا الحمد لله مسلما وطالما أن الله كتب علي أمرا فلا أعمل. نقول لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له "فيم العمل طالما أن الأمر انتهى وقدره الله عز وجل" قال النبي صلى الله عليه وسلم "اعملوا فكل ميسر لما خلق له".

وأنا أقول لك تذكر هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم وتذكر إنك لا تدري هل أنت من أهل الجنة أم من أهل النار، فطالما إنك لا تدري فعليك أن تسعى جاهدا بأن تكون من أهل الجنة ولا تركن إلى كلمة لا إله إلا الله التي قلتها فإنما الأعمال بالخواتيم فقد يختم لك بالصلاح أو بالبدعة أو بالشرك أو بالكفر أو بالردة، فحينها لا ينفع الندم فعليك أن تحافظ على طاعتك وعلى قربك إلى الله عز وجل وتحافظ على ما تتقرب به إلى ربك سبحانه وتعالى وتذكر الإخلاص تذكر إصلاح نفسك والإخلاص لله عز وجل ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

ونختم بشرطي قبول العمل. إن الله عز وجل لا يقبل العمل إلا بشرطين الأول الإخلاص لله سبحانه وتعالى (مَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) وأيضا متابعة النبي صلى الله عليه وسلم (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) وأيضا تقول عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وهذا سيأتي معنا بإذن الله عز وجل في الدرس القادم إن قدر الله سبحانه وتعالى لنا ولكم البقاء، وهو حديث عظيم وهو حديث عمدة في هذا الباب. وكما ذكرنا من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد، وفي رواية عند البخاري ومسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أي هو مردود على صاحبه، فالله عز وجل لا يقبل العمل إلا ما كان خالصا صوابا خالصا لوجهه صوابا على منهاج النبوة فقد يعمل الإنسان العمل الكبير والجليل ولكنه لم يكن فيه مخلصا، أو يكون فيه مخلصا ولم يكن على منهج النبي صلى الله عليه وسلم. فلا بد أن يراجع الإنسان نفسه هل هو مطيع؟ فينظر في هذه الطاعة، هل هي لله عز وجل؟ هل هي على منهاج النبوة؟ فإن كانت الإجابة نعم فعليك أن تشكر ربك على إن وفقك لهذه العبادة، وإن كانت الإجابة لا، فعليه أن يراجع نفسه وأن يتوب إلى الله عز وجل ويلجأ إليه سبحانه وتعالى ويبدأ عهدا جديدا مع ربه سبحانه وتعالى، بألا يفعل إلا ما أمره به ويزيد في الطاعات والقربات بالإخلاص لله عز وجل ومتابعة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

هذا الحديث لابد أن يكون بين أعيننا يكتب بماء العيون يكتب ويعلق أمام عينك حتى لا تنساه، تذكر نفسك كل يوم كل لحظة بهذا الحديث، لا تفرح بطاعة إلا أن تكون كما قلت مخلصا فيها لله عز وجل على منهج النبوة على منهج النبي صلى الله عليه وسلم على منهج محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وإن الله عز وجل جعل إيمان الناس معلق بإيمان الصحابة، قال الله تبارك وتعالى: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَاآمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) فإيماننا معلق بإيمان الصحابة، أن نؤمن كما آمن الصحابة، الصحابة آمنوا كما آمن محمد صلى الله عليه وسلم، رسول الله ونبي الله صلوات الله عز وجل عليه، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من أهل الجنة وأن يرزقنا الجنة وأن يرزقنا الإخلاص وأن يرزقنا متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا الشرك والبدع والمعاصي والذنوب وأن يرزقنا حب النبي صلى الله عليه وسلم ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا قلبا خاشعا وعينا دامعة وأن يرزقنا الإخلاص في القول والإخلاص في العمل وأن يرزقنا البطانة الصالحة وأن يرزقنا من يكون علينا وليا قويا أمينا له بطانة صالحة، أن يرزقنا تمكين في الأرض، تمكين في دينه سبحانه وتعالى وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ونسأله سبحانه وتعالى أن ينصر المسلمين في كل مكان وأن ينصرهم في الشام وفي السودان وفي العراق وفي الشيشان وفي أفغانستان وفي كل مكان يارب العالمين، أن ينصر المسلمين المستضعفين في كل مكان وأن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويثاب فيه على أهل المعصية ونسأله سبحانه وتعالى أن يدخلنا الجنة وأن يحشرنا مع النبيين والصديقين والشهداء.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.