آدم وحواء الداعية

آدم وحواء الداعية
 

د.نجاح بنت أحمد الظهار.

 

إن تبليغ دعوة الله أمر واجب على كل مسلم ومسلمة كل على قدر علمه ,واستطاعته ,وقال تعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [ آل عمران:آية110]، وقال صلى الله علية وسلم : ((نضر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها)) [صحيح سنن ابن ماجة] ، وقال أيضا: ((بلغو عني ولو آية)). [أخرجة الأمام احمد في مسنده وصححه الألباني]

 

وفي عصرنا هذاعصرالمغريات, والشهوات,والمعاصي يحتم علينا أن نطوي الملاحف ,ونشد المآزر,ونسارع في تبليغ أمر الله, وقد سار آدم في درب الدعوة مسافات طويلة تاركاً حواء على قارعة الطريق محتجاً بأن الدعوة أمر خاص بالرجال دون النساء .

 

وأنا أقول له:هل الإسلام خاص بالرجل دون المرأة؟

وهب أن دعوة الرجال قد نجحت,وصلح رجال المجتمع,ولكن المرأة باقية على جهالتها,فهل للدعوة فعاليتها ؟! إذا لابد من توازن في الدعوة حتى نسير بشكل سليم لاعوج فيه .

 

ولعل الذي ساعد الغرب,وشجعهم على اتخاذ المرأة المسلمة وسيله حيه لتنفيذ مخططاتهم , وجعلها نقطة الانطلاق الفعالة .هو علمهم بإهمال الرجل المسلم لها,وعدم اهتمامه بتثقيفها وتوعيتها فظل عقلها فارغاً من كل خير,وقلبها ملئا بالأهواء,والشهوات؛فهي إذا سهله الانقياد وراء المغريات ,وهي تربة خصبة صالحة لزرع أفكارهم المسمومة,وعقائدهم الموهومة إذا الرجل المسلم الذي يمنع حواء من تبليغ الدعوة ,وهو المساعد الأول للأفكار الهدامة.

 

ستقول يا آدم : مكان المرأة البيت ,وعليها أن تهتم بتربية أبنائها وطاعة زوجها,فإن هي فعلت ذلك دخلت الجنة لقولة صلى الله علية وسلم: ((إذا صلت المرأة خمسها ,وصامت شهرها,وحصنت فرجها,وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )). ذكره ابن حيان في صحيحه

وهذا كلام صائب,وما من أحد يطلب من المرأة أن تهمل بيتها وزوجها من أجل تبليغ الدعوة ,فإن هي فعلت ذلك؛ فقد كساها الخطأ من رأسها حتى أخمص قدميها, ولكن القصد هو أن تتعاون معها يا أدم,فتنظم وقتك وتهبها سويعات منه,فتحمل عنها عبء الأولاد ولو يوماً واحداً في الأسبوع وتقوم بتوصيلها إلى دور العلم لتزداد نوراً وفقهاً,أو لتنير لبنات جلدتها طريقهن ,ولك في كل الأحوال الأجر العظيم؛ لأنك جعلت الدعوة مبصرة بعينين بدل إن كانت عوراء تنظر إلى المجتمع بعين واحدة هي عين الرجل.

 

وهناك بعض أبناء آدم ممن قد وعى دور المرأة في الدعوة بادئ الأمر؛ فكان يطلب الاقتران بحواء الداعية ,فلما تزوجها انقلب على عقبية ,وجعلها سجينه البيت ,ومنع المجتمع من خيرها

ونفعها,لقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها محط رحال الراغبين في العلم رجالاً ونساءً؛ فكانت رضي الله عنها على قدر كبير بفقه الإسلام وأصوله إلى جانب درايتها بكثير من أبواب المعرفة المتنوعة,منها علمها بالطب والشعر.

قال عروة لعائشة رضي الله عنها:ياأمتاه  لا أعجب من فقهك ,أول :زوجة رسول الله صلى الله علية وسلم وابنة أبي بكر الصديق ,وأعجب من علمك بالطب كيف هو ,ومن أين هو؟! قال:فضربت عائشة على منكبه,وقالت : (أبا عُرَيًة  إن رسول الله صلى الله علية وسلم كان يسقم عند آخر عمره؛فكانت تقدم وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات ,وكنت أعالجه فمن ثم)أعلام النساء:عمر رضا كحالة :3/105.

 

ولقد كانت رضي الله عنها راوية للحديث , فقد روت عن رسول الله صلى الله علية وسلم ,وأبي بكر,وعمر بن الخطاب ,وفاطمة الزهراء, وسعد بن أبي وقاص , وحمزة بن عمرة الأسلمي , وجذامه بنت وهب,(2210) حديثاً ,وذكر لها في الصحيحين منها سبع وتسعون ومائتا حديث,والمتفق عليه منها أربع وسبعون ومائة حديث,وبها يقول علماء الحديث إن عائشة رضي الله عنها تعد من رواة الحديث المكثرين .

 

لقد كان لسيدنا محمد صلى الله علية وسلم الفضل في تكوين شخصيتها, وتعليمها, وتفقيهها, وإعدادها للدعوة والإفتاء؛ فكانت رضي الله عنها تسأل ,وتناقش جاء في الحديث : ((إن عائشة زوج النبي صلى الله عليه كانت لاتسمع شيئاً لاتعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه,وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:من حوسب عُذًبَ , قالت عائشة : فقلت : إنما ذلك العرض , ولكن من نوقش الحساب يهلك ))صحيح البخاري, ولم يقتصر فضلة صلى الله عليه وسلم على نسائه؛ بل تعداه إلى نساء المؤمنين ,فكان يهتم بوعظهن , وإرشادهن , وتعليمهن أمور دينهن , فتفتحت أذهان النساء, وأخذن يسألن عن الأمور التي تخصهن ,ويناقشنه , ويرد عليهن, ويقنعهن .

 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال ,فاجعل لنا يوماً من نفسك , فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن , وأمرهن ؛ فكان فيما قال لهن :مامنكن امرأة تقدم لها ثلاث من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار فقالت : اثنتين فقال: واثنتين)) صحيح البخاري, وقد بلغ من وعي المرأة , ورغبتها في الوقوف على أمور دينها أنها كانت تسأل رسول الله صلى الله علية وسلم في أخص المسائل وأدقها؛ لأنها علمت أنه لاحياء في الدين, ولم يستنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الشجاعة؛ بل قال: (نعم النساء نساء الأنصار ,لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)).رواة مسلم وأبو داود

 

ويرى بعضهم أن من حِكَم تعدد الرسول لزوجاته ,وهو رغبته وحرصه على تخريج بضع معلمات للنساء يعلمهن الأحكام الشرعية الخاصة بهن مما كان صلى الله عليه وسلم يستحيي أن يخاطب به النساء .

__________________________________

 

: 05-03-2011
طباعة