التكافل الاجتماعي

التكافل الاجتماعي





بقلم/ أ.د.مازن إسماعيل هنيــة .


رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية في غزة .



إن الشريعة الإسلامية جاءت لترسم منهجاً للحياة، فيه سعادة الإنسان؛ فغايتها أن تأخذ بيد الإنسان على طريق الاستقامة والصلاح؛ فعالجت كل ما يؤدى إلى تحقيق هذا الأمر، وكانت العلاقة الاجتماعية داخل المجتمع المسلم من القضايا التي اهتمت بها الشريعة الإسلامية، لما لها من أثر عميق في الحياة الإنسانية، ولما لها من أثر على ترابط المجتمع وتماسكه، وقدرته على مواجهة الصعاب والأخطار.


ومن القضايا الاجتماعية التي رعتها الشريعة أكمل رعاية هي (التكافل الاجتماعي) ، وذلك من خلال دعوة المسلم للشعور بالغير، وتقديم العون والمساعدة له فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) ,ولقد كان التكافل الاجتماعي من أعظم المظاهر الاجتماعية مع بداية نشأة المجتمع المسلم في المدينة المنورة، ويوضح ذلك موقف أهل المدينة من إخوانهم المهاجرين من مكة فقد جاء في صحيح البخاري لما قدموا أي المهاجرين من أهل مكة المدينة آخى رسول الله صلي الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع قال لعبد الرحمن: (إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك، فسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم، فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن) ، إن الكثير من الأحكام التشريعية إنما كانت تصب في اتجاه تعميق روابط التكافل الاجتماعي؛ فحرم الله الربا لما فيه من استغلال وتقطيع للروابط الاجتماعية؛ فالمسلم مدعو لسد حاجة أخيه فيقدم له القرض الحسن، ويعيره ما يحتاج إليه, وكذلك الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام إنما تهدف لتعميق العلاقات الاجتماعية، ومساعدة الغني للفقير؛ بل الإسلام حث على الصدقة غير الواجبة وفتح باب التنافس بين المسلمين في ذلك؛ فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل, ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل والنهار) ,وينبغي أن لا ينحصر التكافل الاجتماعي في مظهر من المظاهر، بل يتناول كافة أشكال التعاون والتكامل بين أفراد المجتمع. وقد أشار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك فيما أخرج أبو داود في سننه فقال  صلي الله عليه وسلم: (من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)حديث صحيح ,حتى ظننا أنه لا حق لأحد منا في الفضل, وكل ذلك من خلال بناء المجتمع وتربية أبنائه على قيم الأخلاق والفضيلة، وعلى تنمية الشعور بالمسؤولية لدى الفرد تجاه الآخرين ، وإشاعة روح التعاون بين أفراده قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة2], ومن خلال تعميق روابط الأخوة بين أفراد المجتمع فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



: 24-04-2012
طباعة