بنر التطوير

بنر الاعلان عن الاشراف

مركز السمنودي العالمي لتحفيظ القرآن الكريم والاجازة

صلاة العشاء والتراويح وختم القران مع دعاء ختم القران يوم الاحد 28 رمضان 1445 الموافق 7 ابريل 2024 من كندا => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? مقدمة عن صلاة الكسوف وصلاة الكسوف يوم الاثنين 29 رمضان 1445 الموافق 8 ابريل 2024 من كندا => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الثانية والتسعون يوم الثلاثاء 30 رمضان 1445 الموافق 9 ابريل 2024 الحديث عن توحيد العبادة => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? خاطرة بعد صلاة عشاء يوم الثلاثاء 30 رمضان 1445 الموافق 9 ابريل 2024 عن ختام شهر رمضان => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? صلاة عيد الفطر المبارك وخطبة العيد يوم الاربعاء 1 شوال 1445 الموافق 10 ابريل 2024 من كندا => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الثالثة والتسعون يوم الخميس 2 شوال 1445 الموافق 11 ابريل 2024 الحديث عن التوحيد والعبادات والعبادة القولية => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة الرابعة والتسعون يوم الجمعة 3 شوال 1445 الموافق 12 ابريل 2024 الحديث موصول عن توحيد العبادة => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? خطبة الجمعة 3 شوال 1445 الموافق 12 ابريل 2024 من كندا بعنوان ماذا بعد رمضان => خطب جمعة واعياد ? المحاضرة الخامسة والتسعون يوم السبت 4 شوال 1445 الموافق 13 ابريل 2024 مع توحيد العبودية لله عز وجل والعبادات القلبية => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? المحاضرة السادسة والتسعون يوم الاثنين 6 شوال 1445 الموافق 15 ابريل 2024 ما زال الحديث موصولا عن العبادات وتصحيح المفاهيم واليوم الحديث عن توحيد الذات => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ?

صفحة جديدة 2

القائمـــــة الرئيسيـــــــــة

الا حبيب الله يا عباد الصليب
صفحة جديدة 2

اشتراك ومتابعة الدورات

صفحة جديدة 2

قاعات البث المباشر

صفحة جديدة 2

جديد لوحة الشرف للطلاب

صفحة جديدة 2 صفحة جديدة 2

خدمــــــات

صفحة جديدة 2

عدد الزوار

انت الزائر :754179
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0 الزوار :
تفاصيل المتواجدون
صفحة جديدة 2

احصائيات الزوار

الاحصائيات
لهذا اليوم : 10354
بالامس : 22557
لهذا الأسبوع : 78626
لهذا الشهر : 398222
لهذه السنة : 3089911
منذ البدء : 89637972
تاريخ بدء الإحصائيات : 6-5-2011

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

 

Check Google Page Rank

 

لقاء في يوم العيد بعنوان: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا

المادة

لقاء في يوم العيد بعنوان: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا
6664 زائر
17-09-2013
أناهيد بنت عيد السميري •

لقاء في يوم العيد

بعنوان: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا


بسم الله الرحمن الرحيم


و الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[1].

الفرح العبادة العظيمة التي يكون بها قلب المؤمن الذي امتلأ ذُلاًّ وانكسارًا في الأيام التي سبقت هذا العيد.

رحلة عظيمة كرحلة الدنيا، هذا هو الحجّ!

يرحل الحجّاج مِن مكانٍ إلى مكان كما يرحل أهل الدنيا من مكان إلى مكان، ثم يقال لهم: هذا العيد، أيام أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرٍ لله -عزّ وجلّ-.

فهذه النفوس التي تمثّلت الآخرة بين عينيها، وحتى أهل الأمصار الذين لم يحجّوا يقال لهم: أنتم في نهيٍ عن الصيام في هذه الأيام -أيام العيد أيام التشريق-، بعد العمل الصالح في عشر ذي الحجّة لمن لم يحجّ، وبعد أعمال الحجّ لمن حجّ، لماذا؟

يعني سواء الحاجّ وغير الحاجّ منهيّ عن صيام أيام التشريق، ومطلوب منه أن يتمتّع بما أحلّ الله له من الطيّبات، ففي هذا إشارة إلى حال المؤمنين في الدنيا، فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيّام الحجّ، وهي زمان إحرام المؤمن عمّا حرّم الله -عزّ وجلّ- مِن الشهوات، فمن صبر في مدة سفره على إحرامه وكفّ عن الهوى، فإذا انتهى سفر عمره ووصل إلى مِنى، مكان الْمُنى، إلى جنّات عدن! يكون قد قضى تفثه ووفّى نذره، فصارت أيّامه كلّها كأيّام مِنى، أيّام أكْل وشرّب وذكْر لله -عزّ وجلّ-، وصار في ضيافة الله -عزّ وجلّ- في جواره أبد الآباد، ولهذا يقال لأهل الجنة {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[2] {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}[3].

o فمن صام اليوم عن شهواته، أفطر عليها غدًا بعد وفاته.

o ومن تعجّل ما حُرّم عليه من لذّاته، عوقب بحرمان نصيبه مِن الجنة وفواته!

وشاهد ذلك: في من شرب الخمر في الدنيا، لم يشربها في الآخرة، ومن لَبِس الحرير في الدنيا، لم يلبسه في الآخرة.

راجع مثل هذا الكلام في كلام ابن رجب في (لطائف المعارف) تجد عجبًا من هذا الوصْف، فكأنه يقال لك: الواجب عليك تقوى الله، وعمارة الأوقات بذكره تعالى وشكره وطاعته، فإننا جميعًا نعلم أنّ هذه الأيام الفاضلة تنقضي سواء كنّا مفرّطين أو محسنين، تنقضي على المفرّط والمحسن معًا، ومِن المؤكد أنّ هناك فارق بين عملهم.

فكذلك الدنيا تنقضي عن الجميع، لن يَنقص من عمر المُحسن أو العاصي أي دقيقة!

لكنها لا تؤخَّر للعاصي حتى يتوب، ولا لمن أحسن ففرّط حتى يكمل، {لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}[4].

لكن من عرف الدنيا عرف أن الطائع الباذل جهده ينسى مشقة الطاعة وصبره عليها، وصبره عن الشهوات.

وكذلك العاصي ينسى حلاوة الشهوات ويجد مرارة السيئات التي كُتبت عليه.

فلذلك لابدّ أن تنظر لهذه الأيام نظرًا مختلفًا، وتراها مثْل الدنيا، فما أنت في الدنيا إلا مِثْل هذه الأيام العَشْر: تستعدّ، تتأهّب، يأتي الوقت الفاضل، تنتقل مِن مكان إلى مكان، تكبّر الله وتثني عليه وتلبّيه: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ))[5].

ثم إنك بعد ذلك بعد هذا الترحّل والانتقال والاجتهاد والتعب والمشقّة التي تنساها لابدّ، تُقبل على ربّك.

فأيامك في الدنيا كهذه العشر، بين تأهُّب واستعداد، تلبّي، ثم تنقّل واجتهاد، ثم يقال لك : هاك العيد، تقرّب إلى الله، قبل أن تفقد لذة العيد مع المبتهجين.

واعلم أن أعظم عبادة تعبد الله بها في عشر ذي الحجة وفي عشر الحياة كلها: هو ذكر الله.

بل عدّه معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أفضل عبادة على الإطلاق إذ قال: "ما عمل آدمي عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تعالى" قالوا يا أبا عبد الرحمن ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا ، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[6]".

ونحن نعلم أن ذكر الله حياة القلوب وطمأنينتها وسكينتها {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[7]

ومَن ذكر الله -عزّ وجلّ- في كل تقلّباته، لا يشقى بالدنيا ولا بهمومها؛ لأنه يعلم أن ما عنده ـ سبحانه وتعالى ـ خير وأبقى.

الذاكر لربه لا يرهب من مخلوق، ولهذا تجد أن قلب الذاكرين مِقدامًا شُجاعًا متوكلاً على الله -عزّ وجلّ-، ولهذا ترى المجاهدين في سبيل الله شجعان، وترى العلماء والمصلحين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويخضعون للحق، لا يخافون في الله لومة لائم والظن بهم أنهم أكثر الناس ذكرًا لله.

في يوم العيد الذي نتعبّد الله فيه بالفرح بفضله، يفرح فيه المؤمن بما تيسّر له مِن أسباب زيادة الإيمان، فإنّ بلوغ الأيام الفاضلة التي هي سبب لزيادة إيمانك ليس أمْرًا تملكه، والانتفاع بالأيام الفاضلة أيضًا ليس أمرًا تملكه، فإن الموت والحياة بيد الله، وموت وحياة القلوب بيد الله أيضًا.

فالفرح هنا يكون فرحًا بتوفيق الله -عزّ وجلّ- للعبد لطاعته، فهذه أيام ذِكر وشُكر.

العمر كله حقّ الله فيه أن يُذكر ويُشكر في كلّ وقت وحين، لكن يتأكّد في هذه الأيام المباركة، كما أخرج مسلم: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ))[8].

وفي رواية أحمد: ((مَنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ))[9].

وهي الأيام المعدودات التي قال الله فيها: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[10].

ولابد أن تعتقد أنّ يوم النحْر الذي هو صبيحة صلاة العيد -وقت الصلاة- وهذا النهار أعظم نهار عند الله، ((أَعْظَمُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ))[11] كما أخرج الإمام أحمد.

فهذه الأيام هي آخر أيام الموسم الفاضل -موسم الحجّ-، فالحجّاج فيها يُكملون حجّهم، وغير الحجّاج يختمونها بالتقرّب إلى الله تعالى بالضحايا بعد عمل صالح وهو أيام العشر.

استحبّ للعباد فيها أن يُختم هذا الموسم بذكر الله تعالى، وهذا سواء للحجاج وغيرهم، وهذه سنة الله -عزّ وجلّ-، فقد جعل عقب العبادات الذكر، فعقب الصلاة أتى الأمر في القرآن بذكر الله {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}[12]، وفي صلاة الجمعة {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[13]، بعد الحج أيضا هذا الأمر: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}[14].

وينبغي للذاكر أن يتدبّر الذكر الذي يقوله، وينبغي له أن يفهم معناه، فهذا أدعى للخشوع والتأثّر، ومن ثمّ صلاح القلب، لأن أول مردود من الذكر (صلاح القلب).

لهذا لا يسكت الحاج عن قول: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ))، وأيضًا غير الحاج لا يسكت عن التكبير ((اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ)).

وقد كان عمر -رضي الله عنه- يُكبّر في قُبته في منى، فيسمعه من بالمسجد فيكبّرون، ويكبّر أهل الأسواق حتى ترتجّ منى تكبيرًا! هذا التكبير المطلق.

وأيضًا في هذه الأيام يأتي التكبير المقيّد بعد صلوات الفريضة، يكبرّ بعد الصلاة بأحد الصّيغ:

1. الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

2. الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

3. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد.

يكبّر بهذه الصيغة بعد صلاة الفريضة مباشرة، وقد قال جمع من أهل العلم: أن من نسي فخرج يقضيها، يعني من قام من الصلاة وخرج يقضي التكبير إلا إذا طال عليه الزمن.

فهذه العبادة التي تُبقي العبد مُتّصلاً بربه وهو بقاء الذكر.

ولابد ّأن تفهم معنى قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ)).

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "في قول النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ : ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ)) إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يُستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته، وذلك من تمام شكر النعمة أن يُستعان بها على الطاعات، و قد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبّات والشكر له، فمن استعان بنعم الله على معاصيه، فقد كفر نعمة الله وبدّلها كُفرًا، و هو جدير أن يسلبها، كما قيل:

إذا كنت في نعمة فارعها ** فإن المعاصي تزيل النعم

وداوم عليها بشكر الإله ** فشكر الإله يزيل النقم

يقول ابن رجب: "وخصوصًا نعمة الأكل من لحوم بهيمة الأنعام كما في أيام التشريق فإن هذه البهائم مطيعة و هي مسبحة له قانتة كما قال تعالى : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[15] و إنها تسجد له كما أخبر بذلك في سورة النحل و سورة الحج، وربما كانت أكثر ذكرا لله من بعض بني آدم! وفي المسند مرفوعًا: ((رب بهيمة خير من راكبها و أكثر له منه ذكرًا))[16].

وقد أخبر الله تعالى في كتابه أن كثيرًا من الجن والإنس كالأنعام بل هم أضلّ، فأباح الله -عزّ وجلّ- ذبْح هذه البهائم المطيعة الذاكرة له لعباده المؤمنين حتى تتقوّى بها أبدانهم وتكمل لذّاتهم في أكلهم اللحوم، فإنها من أجلّ الأغذية وألذّها، مع أن الأبدان تقوم بغير اللحم من النباتات وغيرها، لكن لا تكمل القوة والعقل واللذة إلا باللحم، فأباح للمؤمنين قتل هذه البهائم والأكل من لحومها، ليكمل بذلك قوّة عباده وعقولهم، فيكون ذلك عونًا لهم على علوم نافعة وأعمال صالحة يمتاز بها بنو آدم على البهائم ويتقوون بها على ذكر الله -عزّ وجلّ-، فلا يليق بالمؤمن مع هذا إلا مقابلة هذه النعم بالشكر عليها و الاستعانة بها على طاعة الله -عزّ وجلّ- و ذكره حيث فضل الله ابن آدم على كثير من المخلوقات وسخر له هذه الحيوانات، قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[17].

فأما من قتل هذه البهيمة المطيعة الذاكرة لله ـ عز و جل ـ ثم استعان بأكل لحومها على معاصي الله ـ عز و جل ـ و نسي ذكر الله ـ عز و جل ـ فقد غلب الأمر وكفر النعمة، فلا كان من كانت البهائم خيرًا منه و أطوع!".

انتهى كلامه رحمه الله.[18]

وهذا كلام عجيب يجعلك تستحي مِن الله، وتعلم أنه في غِنى عن عبادتك، لكن أنت الفقير إلى ذِكْره وشُكره، الله -عزّ وجلّ- غنيّ عن العالمين، غنيٌّ عن ذبحك إيّاها، {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[19]، يعني شرع هذه الهدايا والضحايا لتذكروه عند ذبحها؛ فإنه الخالق الرازق لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فهو الغني سبحانه وتعالى.

هذا كله يدفعك إلى التمسّك بهذه العبادة العظيمة عبادة الذكر، عبادة الشكر، بقاء العبد ذاكرًا ذليلاً.

على كل حال هذا اليوم الذي نقدم عليه وهو اليوم العاشر، يوم العيد، يوم الحجّ الأكبر، خير الأيام عند الله، أعظمها، أعمال كثيرة للحجّاج تكون فيه -في هذا اليوم العظيم-.

سُنّ فيه كثير من الأعمال نتكلّم عن طرف منها بإبجاز:

1. التكبير، فمن كان حاجًّا أو غير حاجّ يسنّ له كثرة تكبير الله -عزّ وجلّ- في هذه الأيام {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} وهنا يكون الذكر المقيّد والذكر المطلق، يعني تكبر في كل وقت، وتكبر بعد الصلوات.

2. ذبْح الأضحية، وهذا يكون بعد صلاة العيد، لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ))[20] ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي أنه قال: ((كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ))[21]

3. أيضًا يسن في هذا اليوم: الاغتسال والتطيب للرجال ولبس أحسن الثياب بدون إسراف للخروج للمصلى، أمّا المرأة فيشرع لها الخروج لصلاة العيد لكن بدون تبرج ولا تطيب.

4. أيضًا يشرع الأكل من الأضحية، كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يطعم شيئًا -لا يأكل شيئا- حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته".

5. أيضًا الذهاب لمصلى العيد ماشيًا إن تيسر، واستحباب حضور الخطبة، وفي العود يسنّ مخالفة الطريق إن تيسّر.

6. ويبقى أعمال البرّ والخير مِن: صلة الرحم، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب والعطف على المساكين والفقراء والأيتام وإدخال السرور، كل هذه تبقى أعمالًا فاضلة في كل وقت.

يعني أهم أمر نبقى مذكّرين به: أن تبقى هذه الأيام أيام ذكر، لا تنسى مع الالتهاء أنك في أيام عظيمة عند الله، خير أيام السنة عند الله، يوم يشترك المسلمون جميعًا فيها بالفرح والسرور، يجتمعون على ذكر الله وتكبيره، ويأتي يوم العيد يصلون فيه صلاة العيد ثم يذبحون نسكهم وتقع الدماء عند الله قبل أن تقع على الأرض، وأهل الإسلام فرحهم وسرورهم لا يأتيهم إلا بعد طاعة مولاهم {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.

على كل حال إن استطعتَ أن تكون في هذه الأيام ممن لا يفتر لسانه عن ذكر الله، فالحمد لله قد وُفّقت، وإن نقص هذا الأمر فعليك بكثرة التوبة، وعليك بالاستغفار ليُزال المانع الذي منعك من كثرة الذكر.

نسأل الله بمنه وكرمه أن يكون هذا العيد فاتحة خير على المسلمين، وأن يكون اجتماعهم في صلاة العيد لأهل الأمصار واجتماع أهل منى في منى للحجاج علامة على اجتماع كلمة المسلمين وعلى ذهاب الفرقة واندحار البدعة، وإشارة إلى قوة المسلمين، نسأل الله أن نكون بهذه القوة لبنة قوية تساند قيام دولة الإسلام، اللهم آمين.

يكون بذلك انتهى كلامنا حول هذا اليوم المبارك يوم العيد وأيضًا أشرنا خلاله إلى أيام التشريق.

((اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ)).



[1] يونس: 58

[2] الطور:19

[3] الحاقة:24

[4] الأعراف 34.

[5] البخاري (كِتَاب بَدْء الْوَحِي/ باب التلبيد)، ومسلم (كتاب الحج/ باب التَّلْبِيَةِ وَصِفَتِهَا وَوَقْتِهَا)

[6] العنكبوت: 45.

[7] الرعد: 28

[8] رواه مسلم (كتاب الصيام/ باب تَحْرِيمِ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ).

[9] رواه الإمام أحمد.

[10] البقرة: 203

[11] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.

[12] النساء: 103

[13] الجمعة: 10

[14] البقرة: 200

[15] الإسراء: 44

[16] تعليق الشيخ شعيب الأرنؤوط (رحمه الله): حديث حسن إلى قوله: " ولا تتخذوها كراسي " وهذا إسناد ضعيف.

[17] الحج: 36

[18] كتاب (لطائف المعارف).

[19] الحج: 38.

[20] رواه البخاري (كِتَاب بَدْء الْوَحِي/ باب من ذبح قبل الصلاة أعاد).

[21] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.

   طباعة 
0 صوت

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة تعليق »

إضافة تعليق
اسمك

/99999999999999999999999999999999999999999999000000
تعليقك
1 + 5 =
أدخل الناتج

روابط ذات صلة

المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي

إغلاق