بنر التطوير

بنر الاعلان عن الاشراف

مركز السمنودي العالمي لتحفيظ القرآن الكريم والاجازة

المحاضرة التاسعة بعد المائة والاخيرة يوم الاثنين 13 شوال 1445 الموافق 22 ابريل 2024 مع مواصلة الحديث عن البشارات الدالة علي بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم في ختام دورة العقيدة التي اقيمت بمركز ر => محاضرات العقيدة بكندا 27-1-2024 ? شروط قبول العمل الاخلاص => التوحيد حق الله علي العبيد ? المجلس الرابع و العشرون بعد المائة الثالثة من شرح كتاب رياض الصالحين يوم الاحد 19 شوال 1445 الموافق 28 ابريل 2024 => سلسلة دروس شرح كتاب رياض الصالحين ? لماذا الكلام عن الزواج => ابو بلال سيد محمد احمد ? المجلس السادس و الاربعون من تفسير جزء تبارك يوم الاثنين 20شوال 1445 الموافق 29 ابريل 2024 مع ختام تفسير سورة الحاقة من الاية 39 الي نهاية السورة => الابريز جزء29 تبارك ? تطهير القلوب لاستقبال رمضان => د-عبد الرشيد صقر رحمة الله عليه ? جزء من خطبة جمعة عام 1989بعنوان رياح التغيير => د-عبد الرشيد صقر رحمة الله عليه ? المجلس السابع و الاربعون من تفسير جزء تبارك يوم الثلاثاء 21شوال 1445 الموافق 30 ابريل 2024 مع استكمال ختام تفسير سورة الحاقة من الاية 39 الي نهاية السورة => الابريز جزء29 تبارك ? المجلس الخامس و العشرون بعد المائة الثالثة من شرح كتاب رياض الصالحين يوم الاربعاء 22 شوال 1445 الموافق 1 مايو 2024 => سلسلة دروس شرح كتاب رياض الصالحين ? هل لك روح قرآنية => د-عبد الرشيد صقر رحمة الله عليه ?

صفحة جديدة 2

القائمـــــة الرئيسيـــــــــة

الا حبيب الله يا عباد الصليب
صفحة جديدة 2

اشتراك ومتابعة الدورات

صفحة جديدة 2

قاعات البث المباشر

صفحة جديدة 2

جديد لوحة الشرف للطلاب

صفحة جديدة 2 صفحة جديدة 2

خدمــــــات

صفحة جديدة 2

عدد الزوار

انت الزائر :754391
[يتصفح الموقع حالياً [
الاعضاء :0 الزوار :
تفاصيل المتواجدون
صفحة جديدة 2

احصائيات الزوار

الاحصائيات
لهذا اليوم : 3641
بالامس : 47997
لهذا الأسبوع : 264611
لهذا الشهر : 51604
لهذه السنة : 3779125
منذ البدء : 90328231
تاريخ بدء الإحصائيات : 6-5-2011

RSS

Twitter

Facebook

Youtube

 

Check Google Page Rank

 

خطب الجمعة _-التفسير : 1-فضائل القرآن _ من أوصاف القرآن الكريم والحث على تعلمه والإكثار من تلاوته وحفظه - تحريم تخصيص شهر رجب بزيادة عبادة من العبادات فإنها بدعة

المقال

خطب الجمعة _-التفسير : 1-فضائل القرآن _ من أوصاف القرآن الكريم والحث على تعلمه والإكثار من تلاوته وحفظه - تحريم تخصيص شهر رجب بزيادة عبادة من العبادات فإنها بدعة
4870 زائر
31-05-2012
فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحْيه، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، وجاهَدَ في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد:

فقد كان من هدي النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه كان يقول في خطبة الجمعة: أما بعد: «فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة»(1) وصدَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن خير الحديث كتاب الله، ذلك الكتاب الذي أنزله الله على أشرف عباده المرسلين وعلى خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، أنزله الله عليه ليخرج به الناس من الظلومات إلى النور بإذن ربهم: من ظلمات الجهل والشرك والعصيان إلى نور العلم والتوحيد والإيمان، إنه كلام رب العالمين تكلَّم به حقيقة، ألقاه على جبريل الأمين فنزل به جبريل الأمين ذو القوّة، نزل به على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - بلسان عربي مُبين .

إنه القرآن الحكيم المحكم المتقن، لا تناقض في أخباره ولا كذب، كلُّ أخباره صدق وحق يصدّق بعضها بعضًا، ولا جورَ في أحكامه ولا لعب، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيم حميد .

إنه القرآن المجيد، إنه القرآن العظيم، إنه القرآن الكريم، إنه في أم الكتاب عند الله لَعَلِيّ حكيم، مَن جاهد به غَلب، ومَن نطقَ به صدق، ومَن حكَم به عدَل .

إنه القرآن المبارك: إنه المبارك في ثوابه، إنه المبارك في تأثيره، إنه المبارك في آثاره «مَن قرأه فله بكل حرف منه عشر حسنات، لا أقول: الم حرف، ولكن ألفٌ حرف ولامٌ حرف وميم حرف»(2) «ففي هذه الكلمة ثلاثون حسنة»(3) .

إنه القرآن الكريم، إنه الذكرى لِمَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، إنه كما وصَفَه الله عزَّ وجل: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر: 23] .

اللهم اهدنا بكتابك العظيم، اللهم اهدنا به صراطك المستقيم، اللهم اهدنا به إلى جنات النعيم يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين .

بالقرآن العظيم، بالقرآن المجيد، بالقرآن الكريم، بالقرآن فتحت الأمةُ الإسلامية مشارق الأرض ومغاربها وهزمت به جيوش كسرى وقيصر وكان به لها الظهور والعزَّة والكرامة .

إنه القرآن العظيم في لفظه ومعناه، إنه كما قال الله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: 21] .

إنه القرآن الذي عجز البشر بل الجن والإنس عن أن يأتوا بمثله ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، واستمعوا إلى قول الله: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: 88] .

إنه الآية الكبرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه لآية كافية لكلّ مَن فهمه وأراد الحق كما قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآياتُعِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت: 50-51] .

اللهم اجعله لنا رحمة، اللهم اجعله لنا رحمة، اللهم اجعله لنا رحمة، اللهم ذكّرنا به في مقام الضنك والضيق يا رب العالمين، واجعله حجة لنا يا أرحم الراحمين .

إنه القرآن الشامل الكامل فيه تبيان كل شيء إما جملة وإما تفصيلاً، إما تصريحًا وإما إيماءً وتنبيهًا كما قال الله عزَّ وجل: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89] .

أيها الإخوة، كل ما في السنَّة التي صحَّت عن خير البشر من تفصيل في الأحكام وتفصيل في الأخبار فإن القرآن مرشدٌ إليه وحاكمٌ به، قال الله تعالى مُخاطبًا نبيَّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 44]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [النساء: 113]، وقال الله تعالى مُخاطبًا إيانا: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7] .

أيها الإخوة، إن القرآن الكريم تبيانٌ لكل شيء ولكنه يحتاج إلى تدبّر وإلى إيمان وإلى عمل صالح فمَن اهتدى زاده الله هدًى وآتاه تقواه .

إنه ذُكر أن بعض العلماء كان في مطعم من المطاعم وكان في المطعم رجل نصراني من علماء النصارى، فجاء هذا الرجل النصراني إلى العالِم المسلم وكان بين يديه طعام فقال له مُتحدِّيًا إياه: إنكم تقولون إن القرآن تبيان لكل شيء فأين بيان كيف يُصنع هذا الشيء ؟ هكذا قال النصراني، تحدَّى هذا العالِم المسلم ولكنّ الله تعالى ألْهمَ العالِم المسلم الحجةَ التي دحضت شبهة هذا النصراني، فما كان من هذا العالِم إلا أن دعا صاحب المطعم وقال له: كيف صنعت هذا الطعام ؟ فأخبره صاحب المطعم بكيفيّة إصلاحه، فقال العالِم المسلم: هكذا علّمنا القرآن؛ فإن الله يقول: ﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل: 43] .

ففي هذه الآية الكريمة إرشاد إلى طريق العلم بالمجهول وهو أن تسأل عنه العالِم به فيكون ذلك في القرآن الكريم إرشادًا لطرق العلم التي نتوصل إليه بها عند الجهل .

أيها الإخوة، إن من أجَلّ عظمة القرآن وفضله أن جاءت الآيات الكريمة والأحاديث النبويّة بفضل قراءته والأمر بها، قال الله تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَاب [العنكبوت: 45]، وقال تعالى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ [الكهف: 27]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه»(4).

اللهم اجعله لنا شفيعًا، اللهم اجعله لنا شفيعًا ودليلاً إلى رضوانك والجنة .

وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «تعاهدوا القرآن، فوَالذي نفس محمد بيديه لَهوَ أشدّ تفلّتًا من الإبل في عُقُلها»(5) أخرجهما مسلم، وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن مثلُ الأترجّة ريحها طيّب وطعمها طيّب» والأترجة هي: التي في عُرْفكم الإترنج، يقول عليه الصلاة والسلام: «ريحها طيّب وطعمها طيّب، ومثلُ المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلْو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيّب وطعمها مُرّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مُرّ»(6) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مُبيِّنًا الغبطة التي ينبغي أن يُغبط عليها الإنسان، قال عليه الصلاة والسلام: «لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ علَّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جارٌ له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يُهلكه في الحق فقال رجل: ليتني أوتيتُ مال فلان فعملت مثل ما يعمل»(7)أخرجه البخاري، يعني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنه لا غبطة إلا في مثل هذين الرجلين، هذا الرجل الذي تعلّم القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، والثاني: رجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق؛ أي: فيما يقرّب إلى الله، هذه واللهِ هي الغبطة .

وبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِمَن علّمه الله القرآن إشارة إلى أنه أجَلُّ مِمّن آتاه الله المال وفي كل منهما خير .

أيها المسلمون، إن القرآن نزل ليدبَّر الناسُ آياته وليتذكروا به ويتّعظوا به، فاجتهدوا - عباد الله - في تعلّم القرآن: تعلّم ألفاظه ومعانيه، وقد يسَّر الله لنا معشر هذه الأمة صحفًا بين أيدينا مشكولة مُعرَبة لا يكاد يخطئ فيها أحد إذا وضع بصره وقلبه في هذه المصاحف، أما مَن يقرؤه وهو ينظر إليه بعينه دون قلبه فإنه ربما يخطئ كثيرًا بناءً على ما أخذ عليه لسانه .

فاتّقوا الله عباد الله، تعلَّموا ألفاظ القرآن ومعاني القرآن ما استطعتم ثم اعملوا بِما علمتم منه ما استطعتم؛ فإن القرآن إنّما أُنزل لذلك كما قال الله عزَّ وجل: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ [ص: 29] .

أيها الإخوة، في هذه البلد وفي غير هذا البلد حُثّوا أولادكم البنين والبنات على تعلّم القرآن وحفظه حتى تكونوا قد سستموهم بحسْن الرعاية والولاية وحتى تجدوا ذخر ذلك وأجره في هذه الدنيا وفي الآخرة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل للوالد حظًّا من أولاده إلا مَن كان منهم صالِحًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علْم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له»(8) واعلموا - أيها الإخوة - أن من أسباب صلاح الأولاد أن تقرئوهم كتاب الله عزَّ وجل، وإذا أمكن أن يكون لديكم معرفة في معانيه فبصّرتموهم ببعض المعاني التي تدركها عقولهم كان ذلك نورًا على نور ولاسيما ما يُتلى كثيرًا من القرآن وهي: الفاتحة التي هي أم القرآن والتي أكَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءتها على أمته؛ حيث قال: «لا صلاة لِمَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(9) .

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تجعلنا مِمَّن يتلوون كتابك حق تلاوته، يصدقون بأخباره ويعملون بأحكامه، اللهم ارفع لنا به الدرجات وكفِّر عنَّا به السيئات، اللهم اجعله حجةً لنا يا رب العالمين .

اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة يوم نلاقيه، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد:

فقد قال الله عزَّ وجل: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَج [البقرة: 189]، وقال عزَّ وجل: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة: 36] .

إن هذه الأشهر الهلالية هي الأشهر التي وضعها الله لعباده مواقيت للناس في معاملاتهم وفي عباداتهم ﴿قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَج﴾ منها أربعة حرم وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم - ثلاثة أشهر متوالية - ورجب الفرد الذي بين جمادى الثانية وشعبان، وقد أظلَّكم هذا الشهر فهو من الأشهر الأربعة الحرم له ما لها من الفضل وينبغي أن يُتجنّب فيه المعاصي كما يُتجنّب في الأشهر الثلاثة الأخرى ولكنْ لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخصّه بزيادة صلاة أو بصيام، وكل الأحاديث الواردة في ذلك أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة .

وقد كان بعض الناس يتعبّد لله - عزَّ وجل - بصيام رجب وشعبان ورمضان الأشهر الثلاثة ولكنْ لا صحةَ للصيام الخاص برجب «أما شعبان فقد كان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يُكثر الصيام فيه حتى كان يصومه كلّه أو إلا قليلاً منه كما ثبت ذلك عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها»(10) .

أيها الإخوة، «إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شرّ الأمور محدثاتها»(11) وإن كل عمل تتعبّد به لله وليس مشروعًا في كتاب الله ولا في سنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه بدعة لا يزيدك من الله إلا بُعدًا؛ لأن كل إنسان مبتدع فإن بدعته هذه تعني أن الدين لم يكمل في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أن الله قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً [المائدة: 3]، قالها في آية أنزلها على رسوله محمد - صلىالله عليه وسلم - يوم الجمعة، يوم عرفة في حجة الوداع .

إذنْ: فالدين كامل لا يحتاج إلى تكميل، لا يحتاج إلى بدعة، فأيُّ إنسان يتعبّد لله بعمل ليس مشروعًا في كتاب الله ولا سنّة رسوله فإن عمله مردود عليه وهو ضالٌّ به، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - محذّرًا أمّته: «إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»(12) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«مَن عمِلَ عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(13) .

خذها أيها الأخ المسلم، خذها هدية: أن كل عمل يتعبّد به الإنسان من عمل القلب كالعقيدة، أو قول اللسان كالأذكار المبتدعة، أو أعمال الجوارح كالأفعال المبتدعة إذا لم يكن لها شاهد من كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فما هي إلا خسارة في الدنيا والآخرة .

أسأل الله تعالى أن يبصّرني وإياكم بدينه وأن يرزقنا علْمًا نافعًا وعملاً صالِحًا يقرّبنا إليه، وأعوذ به من الجهل والبدع .

اللهم إنا نسألك يقينًا لا شكَّ معه، وإيمانًا لا كفر معه، واتّباعًا لا ابتداع معه، وإخلاصًا لا شركَ معه، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم .

أيها الإخوة المسلمون، إن الله تعالى قال في كتابه العظيم: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: 56]﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285] .

اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك، اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبّته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به وبِمَن أنعمت عليهم في جنات النعيم؛ إنك على كل شيء قدير .

اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنَّا كما رضيت عنهم، اللهم أصْلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم، اللهم اجمع قلوبنا على الحق يا رب العالمين، اللهم ألِّف بين قلوبنا، اللهم اهدنا سُبُلَ السلام، اللهم ألقِ بيننا المودّة والمحبة يا رب العالمين .

اللهم أبْعد عنَّا اختلاف القلوب والعداوة والبغضاء؛ إنك على كل شيء قدير .

عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90] .

-------------

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده في باقي مسند المكثرين، رقم [14455]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، رقم [1435] .

(2) أخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [فضائل القرآن] باب: ما جاء فيمَن قرأ حرفًا من القرآن ماله من الأجر، من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعضهم وقّفه على ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- وأرضاه، وانظر إلى لفظ الشيخ رحمه الله تعالى: «فله عشر حسنات» في شرح قصيدة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتاب [توضيح المقاصد وتصحيح القواعد] الجزء [1] من الصفحة [308] للمؤلف أحمد بن إبراهيم بن عيسى رحمه الله تعالى، ت م ش .

(3) انظر إلى هذه الزيادة ثلاثون بعد ما ذكر الحديث الموضوع عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي بعضهم وقّفه على ابن مسعود -رضي الله عنه- في كتاب [الجامع الصغير وزيادته] للألباني رحمه الله تعالى، الجزء [1] من الصفحة [205]، قال الشيخ رحمه الله تعالى: صحيح، انظر حديث رقم [1164] في صحيح الجامع، ت م ش .

(4) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [21169]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه، رقم [1337] .

(5) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، في مسند الكوفيين، رقم [18854]، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [فضائل القرآن] من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، رقم [4645]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، رقم [1317] .

(6) أخرجه الإمام أحمد في مسنده في مسند الكوفيين، رقم [18833]، والبخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [فضائل القرآن] رقم [5007]، ومسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، رقم [1328] .

(7) أخرجه الإمام أحمد في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة، رقم [9824]، والبخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [فضائل القرآن] من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [4638] .

(8) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة، رقم [8489]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الوصية] من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [3084] ت ط ع .

(9) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، رقم [21621]، وأخرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأذان] رقم [714]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصلاة] من حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى، رقم [595] ت ط ع .

(10) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في باقي مسند الأنصار، رقم [24860]، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1833]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1956-1957] .

(11) سبق تخريجه .

(12) سبق تخريجه .

(13) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [23975]، وأخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصلح] من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [2499]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأقضية] من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [3243] ت ط ع .


   طباعة 
0 صوت
الوصلات الاضافية
عنوان الوصلة استماع او مشاهدة تحميل

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة تعليق »

إضافة تعليق
اسمك

/99999999999999999999999999999999999999999999000000
تعليقك
7 + 6 =
أدخل الناتج

جديد المقالات

الصفات المميزة لأهل السُنة والجماعة - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله
تميزوا! - فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله
الدرس الحادي عشر - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس العاشر - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس التاسع - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الثامن - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس السابع - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس السادس - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الخامس - مقدمة في علم تحرير القراءات
الدرس الرابع - مقدمة في علم تحرير القراءات

إغلاق